الأحد، 18 ديسمبر 2011

دكتور محمد علي يوسف يكتب : أفهكذا يكونُ الخلاف؟

مندهش جدا مما وصل إليه حال بعض إخوانى!
أشعر أن هناك ثوابت أخلاقية اهتزت فى نفوس كثير منهم، بل أشعر أن بديهيات إسلامية و مشاعر فطرية إنسانية صارت غائبة عن المشهد فى كتابات و تعليقات البعض، هل صار الخلاف فى الرأى مبررا مكافيا للرضا بالقتل أو انتهاك الحرمات و تعرية الفتيات؟


ذهلت حينما قرأت اليوم و البارحة تعليقات بعض الشباب على صفحتى و فى بعض المداخلات الهاتفية بخصوص المشاهد الأخيرة لأحداث مجلس الوزراء، بعضهم كتب تعليقات من نوعية " يستاهلوا " " خلى الجيش يخلص عليهم " " هما لو محترمين ما كانوش راحوا " " هما اللى جابوه لنفسهم " إلى آخر تلك التعليقات التى تطور بعضها إلى السب و اللعن بل و أكثر من ذلك إلى قذف للمحصنات..نعم و الله! بعضهم رمى عرض الفتيات و النساء اللتى هناك حتى أن أخا اتهمنى بالدفاع عن العاهرات و الداعرات، فكل من هناك فى نظره يحملن تلك الصفة. طبعا هذا بخلاف اتهام النيات و اساءة الظن و التعميم المعتاد فى كل ما سبق من الصفات.


و الحقيقة أننى لا أستطيع أن أعبر عن كم الحزن و الضيق الذى يخيم على قلبى بسبب هذه المشاعر السلبية و الكلمات التى أقل وصف لها أنها قاسية، التى صارت علامة على حال كثير من الإخوة عند الخلاف، حزنا و ضيقا لعله أشد من حزنى و ألمى على فضيلة الشيخ عماد رحمه الله و باقى الضحايا، ببساطة لأن هؤلاء كما أحسبهم أحياء عند ربهم يرزقون لكن من مات قلبه و انطمست بصيرته فهو أحق بالحزن و الشفقة، من قسى قلبه لدرجة أنه صار يستحل دم من خالفهم فى الرأى أو حتى رآهم مخطئين أو على معصية. 
لو افترضنا أن المعتصمين أخطأوا أو حتى أجرموا هل هذا مبرر أن نشمت فيما حل بهم؟ أن نتشفى فى آلامهم، أن تسعدنا آهاتهم، أن تسرنا دماؤهم؟!


قلت من قبل أننى مختلف مع المعتصمين فى بعض الجوانب من حيث توقيت التصعيد و أسلوبه، لكن خلافى معهم لن ينسينى أبدا أنهم بشر و ليسوا كلابا ضالة ليسحلوا بهذا الشكل غير الآدمي! خلافى معهم لا ينسينى أن بينهم نساءا لا يمكن أن يفعل بهن ذلك فى بلد مسلم فيه رجال عندهم من النخوة و الشهامة و المروءة ما تعلموه من نبيهم صلى الله عليه و سلم حينما أقام حربا لأجل شىء أهون بكثير مما فعل بتلك الفتيات!!
أعلم أن هناك استفزازا شديدا من بعض المتظاهرين و أن هناك من يحاول إشعال الموقف، لكن صور الجنود و هم يتفانون فى السحل و الضرب حتى أن أحدهم يتقافز فوق بطن متظاهر لا يمكن أن تفارق ذهنى و لا يمكننى أن أقبلها بحال من الأحوال.



أصر أن هناك ألف حل بخلاف الحل العنيف، و أصر أن العنف لن يولد إلا مزيد عنف، و أشد عنف ألمسه الآن و لعله العنف الأخطر من بيادة العسكرى التى هوت على بطن المتظاهر هو العنف القلبى! العنف الذى جعل مسلما أو مسلمة يتمنى أن يحترق أخوه و يكشف لحم أخته لمجرد أنه يختلف معه فى الرأى أو الأيديولوجية!
أفهم أن يغضبوا لأن هناك فوضى و أفهم أن يتخوفوا على مسار عملية تسليم السلطة و أفهم أن يتحفظوا على بعض الممارسات، لكن كل ذلك الغضب و التخوف و التحفظ لا ينبغى أبدا أن يحجب رؤيتهم العادلة المقسطة للأمور و يدفهم لقبول ذل و إهانة قامت ثورة من أعظم ثورات التاريخ لتنهيه!



لا أجد ما أنصح به إخوانى هؤلاء إلا قول ربى جل و علا
{ وَلاَ يَجرِمنَكُم شَنَئَان قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَقوى واتَقوا الله إِنَ الله خبِير بِما تَعْملُون }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق