الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

الليبرالية التي "حكمت" مصر!

خلال الانتخابات البرلمانية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي جرى في مصر تكفير الديمقراطيين على أساس أن الديمقراطية كفر و خروج على دين الله وإعلاء لكلمة البشر على حساب شرع الله، ثم فهم الناس الديمقراطية وعرفوا أنها ليست نظاما مثاليا لكنها أحسن الأنظمة الموجودة حتى الآن، كما أيقنوا أنها لا تنافي شرع الله.



اليوم يهاجم البعض الليبرالية دون فهم كامل لها، وارى أن هذا الهجوم يستغل في تحقيق مآرب سياسية دون وضع تقييم كامل للمرحلة الماضية من حكم مصر، فيقال مثلا أننا حُكمنا 60 عاما بالليبرالية و العلمانية وماذا جنينا؟ دعونا نجرب حكم الشريعة! وأنا لا اتفق مع هذا الطرح وارى أن به كثيرا من الزور و البهتان!



فالليبرالية تعني الحرية الشخصية التي لا تضر بالغير، مع احترام شؤون الأقليات وضمان حقوقها، وتعني أن الدولة "عمياء" لا ترى جنس المواطن أو لونه أو دينه حينما تخدمه أو تحاسبه..وهي مبادئ إسلامية بامتياز، ولا تعني حرية التعري و الجنس و السكر كما يصور البعض.



أما بالنسبة للحكم فإن معضلة أي حكم ليبرالي أو علماني أو إسلامي هي إيجاد آلية محاسبة الحاكم و عزله إن لزم الأمر، وضمان تداول السلطة، وهو ما غاب عن مصر الفترة الماضية. والعلمانية التي حكمت مصر كما يقول د/معتز بالله عبد الفتاح هي علمانية "دينية" أو "عربية" تستخدم الدين وقتما تريد لإنفاذ إرادة الحاكم وضمان بقائه و نسله في الحكم كما يعرف الجميع.



والمشكلة الكبرى – في رأيي – أننا كمجتمع نفتقد عموما الأسلوب العلمي في التفكير، فالمنطقي انك إذا أردت أن تفهم ماهية العلمانية أو الليبرالية أو الديمقراطية أن تسأل متخصصا في العلوم السياسية لا أن تستقي معلوماتك وتبني أحكامك على رأي داعية أو واعظ ديني غير ملم بالسياسة. وافتقاد البوصلة هذا أضاع على المصريين الكثير من النفع و الخير، على سبيل المثال لا الحصر قانون نقل الأعضاء المعطل في مصر لعقود بسبب رأي المتدينين فيه رغم أهميته القصوى، والذي إن طبق ساوى بين الفقراء والأغنياء وقضى على الاتجار بالأعضاء البشرية وأنقذ حياة الآلاف، ومن العجب أن دولة سلفية كالسعودية أقرته منذ سنوات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق