الخميس، 29 ديسمبر 2011

هل نكذب أعيننا لنرضيكم؟! - علاء الأسواني

المصري اليوم - 27/12/2011

ثورة رومانيا 1989
منذ أكثر من شهر، اتصل بى المسؤولون فى قناة «أرتيه» الفرنسية وطلبوا تسجيل حلقة لمدة ساعة عن أعمالى الأدبية.. قناة «أرتيه» أهم قناة ثقافية فى فرنسا، ولا شك أن تخصيصها برنامجاً خاصاً عن أديب مصرى شىء جيد لى وللأدب المصرى. وافقت على التسجيل واتفقنا على يوم السبت الماضى، وفى الساعة الثانية ظهرا، طبقا للموعد، وصل الصحفيون الفرنسيون إلى عيادتى فى جاردن سيتى فلاحظت أنهم فى حالة غير طبيعية. كانوا منهكين وبدت عليهم علامات قلق.

سألتهم فأخبرونى أنهم باتوا ليلتهم فى فندق الإسماعيلية الذى يطل على ميدان التحرير (الذى صار رمزا مشهورا للثورة فى العالم كله).. استيقظ الفرنسيون فى الصباح على صوت إطلاق نار، ورأوا بأعينهم قوات الأمن والجيش تطلق النار على المتظاهرين وتعتدى عليهم بوحشية وتهتك أعراض المتظاهرات (كما رأينا جميعا) فما كان منهم إلا أن فتحوا كاميراتهم وبدأوا يصورون الاعتداءات على المتظاهرين.. بعد نصف ساعة، فوجئوا بمجموعة من البلطجية يكسرون عليهم باب الحجرة ويعتدون عليهم بالضرب باستعمال عصى حديدية ثم قاموا بكسر بعض الكاميرات، ولم يتوقفوا إلا بعد أن أكدوا لهم أنه لم تعد معهم أفلام تصور الاعتداءات على المتظاهرين.

أسفت بالطبع لهذه الحادثة وسألت المصورين الفرنسيين: ماذا تريدون أن تفعلوا الآن..؟!

فقالوا إنهم يعتقدون أنه لا فائدة من إبلاغ السلطات لأنها فى رأيهم هى التى دبرت الاعتداء عليهم، ثم أكدوا أنهم مصرون على تسجيل البرنامج الثقافى معى. كان يفترض أن يصوروا جزءًا من الحلقة فى عيادتى، وجزءا على مركب فى النيل، وجزءًا ثالثاً فى نادى جاردن سيتى. انتهينا من تصوير الجزء الخاص فى العيادة، ونزلت مع الصحفيين الفرنسيين لنتوجه إلى المركب الذى استأجروه لتصوير الجزء الثانى ففوجئت ببضعة أشخاص لا أعرفهم ينتظروننا تحت البيت.. تقدم أحدهم منى وقال:

ــ لا تتكلم مع هؤلاء الخواجات لأنهم جواسيس.

قلت له:

ــ هؤلاء ليسوا جواسيس. إنهم صحفيون فرنسيون محترمون كما أن معهم التصاريح اللازمة للتصوير فى الشارع.

فوجئت بهذا الشخص يصيح بشتائم مقذعة فى حقى، وكاد وأصحابه يعتدون علينا لولا تدخل سكان الشارع الذين منعوه. كان واضحا أن الهجوم مدبر. حررت محضرا بالواقعة فى القسم وذهبت مع طاقم التليفزيون الفرنسى وسجلنا الحلقة التى سوف تذاع يوم ٨ يناير.. وبعد يومين، كنت عائدا إلى البيت عندما اتصل بى الجيران محذرين من أن الشخص نفسه الذى حاول التعدى على مع ضيوفى الفرنسيين يقف تحت البيت ومعه عشرون شخصا يشتموننى ويهددون بالاعتداء على، فى محاولة لترويع أسرتى. تدخل السكان مرة أخرى وأبعدوهم، وحررت ضده محضرا جديدا..

وفى الليلة نفسها، ظهرت فتاة متظاهرة اسمها «هدير مكاوى» مع الإعلامى الكبير «وائل الإبراشى»، وقالت إن أفراد الشرطة العسكرية قبضوا عليها وهددوها بصواعق كهربائية وأجبروها على تصوير فيديو تتهمنى فيه مع الصديق الفنان الثورى خالد يوسف بأننا حرضناها وزملاءها على الاعتصام والتخريب. الفتاة سجلت ما طلبوه منها، لكن ضميرها استيقظ فاتصلت بالإعلام لتقول الحقيقة.. فى الليلة نفسها، ظهر مذيع وثيق الصلة بأجهزة الأمن ليقول إننى، بعد واقعة تسمم المتظاهرين بطعام الحواوشى، ذهبت إلى اعتصام مجلس الوزراء وحرضت المعتصمين على تكسير الكاميرات التى تصورهم من مجلس الوزراء.

الواقعة كاذبة مختلقة من أساسها. لقد ذهبت متضامنا مع المعتصمين أكثر من مرة وعقدت معهم ندوات ورأيت فيهم مجموعة من أشجع وأشرف شباب مصر لكننى لم أذهب إلى الاعتصام إطلاقا بعد واقعة الحواوشى.. المذيع كاذب وضابط أمن الدولة الذى لقنه هذا الكلام الخائب فقير الخيال. فى اليوم التالى نشرت جريدة قومية يومية أن هناك خطة لاغتيالى مع مجموعة من المنتمين إلى الثورة. الخبر غريب لأنه يؤكد أن خطة اغتيالنا سيقوم بها عملاء سوريون وإيرانيون، أما مصدر الخبر فهو أحد المسؤولين فى البيت الأبيض. يصعب على أن أصدق أن النظام الإيرانى المشتبك مع الغرب من أجل برنامجه النووى أو النظام السورى الذى يقتل شعبه ويخوض معركته الأخيرة للبقاء، يجد أحدهما من الوقت والجهد ما يجعله يقتل مواطنين مصريين.. الأغرب أن مسؤولا فى البيت الأبيض يترك كبريات الصحف العالمية لكى يتصل بصحفى فى جريدة مصرية ليخصه بهذا السبق الصحفى. فى اليوم التالى، خرجت مجلة قومية، على غلافها صورتى مع زملاء آخرين، وقد كتبت بالبنط الكبير «المحرضون»..

أصبحت الحقيقة واضحة. المجلس العسكرى، بمعاونة جهاز أمن الدولة وأتباعه فى الإعلام، يشن حربا ضارية لإرهاب كل الذين انتقدوا الجرائم التى تم ارتكابها ضد المتظاهرين.. الهدف تشويه صورة المنتقدين لسياسات المجلس العسكرى وترويعهم حتى يخافوا ويسكتوا عن الحق.. المطلوب أن نكذب أعيننا لنرضى المجلس العسكرى. المطلوب أن نرى بنات مصر يسحلن وتنتهك أعراضهن بواسطة جنود الجيش ونرى الشهداء يتساقطون بالرصاص الحى ثم نسكت وكأننا لم نر شيئا. المطلوب أن نخالف ضمائرنا ونسكت على هذه الجرائم حتى نحظى برضا المجلس. لن يحدث ذلك أبدا. لن ننسى الجرائم البشعة التى ارتكبها الجنود ضد متظاهرين سلميين فى ماسبيرو ومحمد محمود وشارع مجلس الوزراء..

هذه المذابح جميعا مسجلة بالصوت والصورة، والمسؤول الوحيد عنها المجلس العسكرى.. هذه الحقيقة التى سنظل نقولها ونكررها، وليفعل المجلس العسكرى ما يريد، فحياتنا لن تكون أبدا أغلى من حياة شبان وشابات الثورة الذين قتلهم حسنى مبارك ثم استمر المجلس العسكرى فى قتلهم.. ليس ما يفعله المجلس العسكرى غريبا أو غامضا.. إنه يطبق خطة محددة لاحتواء الثورة ثم إجهاضها تماما حتى تصبح كأن لم تكن. هذه الخطة تم تطبيقها بحذافيرها فى بلاد أخرى. فى عام ١٩٨٩، ثار الشعب الرومانى ضد الطاغية «شاوشيسكو»، وامتنع الجيش عن مساندة الطاغية فتمت محاكمته وأعدمه الثوار مع زوجته «إيلينا»، ثم تولى السلطة فى الفترة الانتقالية أحد مساعدى شاوشيسكو واسمه «إيون إيليسكو». امتدح «إيليسكو» الثورة واحتفى بها فى البداية ثم حدث انفلات أمنى رهيب فى رومانيا (تبين فيما بعد أنه من تخطيط «إيليسكو»)..

بدأت مجموعات من الأشخاص المجهولين يهاجمون بيوت الناس والمنشآت الحيوية، وراح جنود الجيش يتصدون لهم حتى أصبحت رومانيا ميدان حرب مما تسبب فى إحساس المواطنين بالهلع وانعدام الأمن.. مع الانفلات الأمنى المتعمد ارتفعت الأسعار وأصبحت الحياة صعبة للغاية.

فى الوقت نفسه، لعب الإعلام الخاضع للنظام دورا مزدوجا، فهو من ناحية ساهم فى نشر الذعر عن طريق الشائعات الكاذبة المتوالية، وفى الوقت نفسه، راح الإعلام يمعن فى تشويه صورة الثوريين، وتوالت الاتهامات لمن قاموا بالثورة بأنهم خونة وعملاء، يقبضون أموالا من الخارج من أجل إسقاط الدولة وتخريب الوطن. مع الهلع والأزمات الطاحنة، تأثر المواطنون بحملات التشويه الإعلامى وبدأوا يصدقون فعلا أن الثوار عملاء.. وعندما أحس الثوار بأن «إيليسكو» يسعى لإجهاض الثورة نظموا مظاهرة كبيرة رفعت شعار:

«لا تسرقوا الثورة».. فما كان من «إيليسكو» إلا أن وجه نداء فى التليفزيون إلى المواطنين الشرفاء (لاحظ تكرار التعبير) وطالبهم بالتصدى للخونة وقام «إيليسكو» سرا باستدعاء آلاف العمال من المناجم وأشرف على تسليحهم، فاعتدوا على الثوريين وقتلوا أعدادا كبيرة منهم.. كانت هذه نقطة النهاية لثورة رومانيا.. فقد استتب الأمر بعد ذلك لـ«إيون إيليسكو» ورشح نفسه للرئاسة وفاز بالمنصب لدورتين متتاليتين فى انتخابات مزورة.. وهكذا، بعد أن كانت الثورة الرومانية مفخرة تحولت إلى مادة للتندر والسخرية...

فقد قام الرومانيون بثورة عنيفة وسقط منهم شهداء كثيرون، وفى النهاية، بدلا من الطاغية شاوشيسكو تسلم الحكم مساعده إيليسكو.. لاحظ من فضلك ما يفعله الآن الفريق أحمد شفيق (الذى يلعب دور إيليسكو فى النسخة المصرية).. هذا الرجل تقدم ضده العاملون فى الطيران المدنى بعدد ٤٢ بلاغا للنائب العام، يتهمونه بإهدار المال العام والفساد.. لكن النائب العام لم يحقق فى البلاغات منذ شهر مارس وحتى الآن، وها هو السيد شفيق يقود حملة انتخابية كبيرة من أجل أن يتسلم السلطة كرئيس لمصر، لتنتهى ثورة مصر تماما كما انتهت ثورة رومانيا.. الحق واضح بين.. أى إنسان منصف مهما يكن اتجاهه السياسى لا يمكن أن يرى البنات المسحولات المنتهكات والشهداء المقتولين بالرصاص ولا يدين المجلس العسكرى.

أستشهد هنا بأحد كبار المقاتلين فى القوات المسلحة.. اللواء صاعقة متقاعد «حمدى الشوربجى»، الذى وجه رسالة إلى المجلس العسكرى على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك) (وأعاد نشرها موقع مصراوى). يقول اللواء «الشوربجى» إن القمع الذى مورس ضد المتظاهرين المصريين يصدر من قلة مريضة نفسيا من الضباط والجنود يملكون السلطة ولا يملكون شرف المهنة أو الضمير. ويؤكد سيادته أنه شهد بنفسه أسر ٢٨ جنديا إسرائيليا خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣، ورأى كيف عاملهم الجيش المصرى معاملة كريمة، أما قتل المصريين وهتك أعراض المصريات، فإن اللواء «الشوربجى» يعتبر هذه التصرفات عارا على الجيش المصرى.

الآن.. ما العمل؟

أولا: يجب تشكيل لجنة تحقيق فى المجازر التى ارتكبها أفراد الشرطة والجيش ضد المتظاهرين، على أن تكون هذه اللجنة مستقلة تماما عن جهاز الدولة الذى لايزال تابعا لنظام مبارك.. يجب أن يترأس اللجنة قاض مستقل مشهور له بالنزاهة، مثل المستشار زكريا عبدالعزيز أو أشرف البارودى أو محمود الخضيرى، على أن تملك اللجنة حق التحقيق مع العسكريين والمدنيين على السواء. هذه اللجنة سوف تحقق العدالة وتعاقب كل من أجرموا فى حق الشعب المصرى.

ثانيا: بالرغم من تحفظاتى على الانتخابات، فإن مجلس الشعب القادم هو الهيئة الوحيدة المنتخبة التى تمثل إرادة الشعب، ولابد من منحه صلاحيات مطلقة لتشكيل حكومة بدلا من حكومة الجنزورى المفروضة على الشعب.

ثالثا: يجب التعجيل بانتخابات رئيس الجمهورية، لأن الوضع فى مصر تأزم بشكل لن يعالجه إلا انتقال السلطة من المجلس العسكرى إلى رئيس منتخب.

هذه الخطوات الثلاث ضرورية للخروج من الأزمة. وليعلم كل من يريد إجهاض الثورة أن ملايين المصريين الذين ثاروا من أجل الحرية لن يسمحوا أبدا بإجهاض ثورتهم أو سرقتها.

الثورة سوف تنتصر بإذن الله.. لتبدأ مصر المستقبل.

الديمقراطية هى الحل

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=322505&IssueID=2362

الاثنين، 26 ديسمبر 2011

إيزيس ليست أسطورة - سحر الموجي

المصري اليوم - 25/12/2011

هل بالإمكان أن نرى فى صورة المرأة التى سحلها العسكر وجردوها من ملابسها ولم يتوقفوا عن ضربها بعد أن تعرت صورة للثورة المصرية؟ فالثورة التى لم تتوقف السلطة الحاكمة عن وصفها بالمجيدة أمام شاشات الإعلام وتقديم التحية العسكرية لشهدائها، يتم ضربها بشتى السبل: بحبس الثوار وقتلهم وعدم محاسبة القتلة، بالتشويه واستعداء الناس ضدها وإلقاء الاتهامات عليها ثم حبسها من معصمها فى سرير المستشفى الحكومى لأنها متهمة بالتخريب والتعدى على موظف أثناء تأدية مهام وظيفته.

ألا يحمل هذا تشابها مع الخطاب الاجتماعى الرسمى عن النساء وعظمة النساء، والمرأة التى هى الأم والأخت والزوجة والابنة، بينما تتعرض النساء فى حياتهن اليومية لسلوكيات تجسد التحقير والمهانة والإذلال؟ لكن تلك ليست كل الحكاية. فلو عدنا فلاش باك إلى 25 يناير لرأينا أن الثورة ومنذ يومها الأول قد هدمت أفكارا ثابتة عن النساء والأنوثة وأعادت بناء أفكار جديدة.

كلما مر الوقت تأكد دور المرأة فى الثورة بدءاً من النزول إلى الميادين، ومرورا بصلابة أمهات الشهداء وتعاملهن مع فقد الابن/ الابنة على أنها قضية وطن يسعى للحرية، ووصولاً إلى الذروة الدرامية لأحداث الأسبوع الماضى ردا على انتهاك النساء. وقد جسد هذه الذروة مظاهرة النساء الثلاثاء 20 ديسمبر التى ضمت نساء من شتى الأعمار والطبقات الاجتماعية والتوجهات الفكرية. وبالرغم من أن فكرة الشرف والحفاظ على جسد المرأة تصدرت التظاهرة فإن الفكرة الأعمق وراءها هى الدفاع عن «حقوق» إنسانية أصيلة. حق التعبير عن الرأى، حق النضال من أجل الحرية دون المساس بسلامة المواطن/ المواطنة. وقد كان مقدراً أن يكون جسد المرأة المنتهك هو العنوان الكبير الذى يضم داخله مفاهيم المواطنة والحرية.

وبينما يتصاعد الخط الدرامى للحكاية على مدار العام الماضى يحدث شىء مواز فى وعى المرأة بنفسها، كل النساء، وليس فقط من شاركن فى الثورة ودفعن ثمن النضال. فالمرأة التى تربت على مفاهيم الأنوثة التى هى مرادف للضعف «الجميل» و«الأنثوى» المحبوب والمرغوب من قبل المجتمع، بدأت ترى نفسها بشكل مختلف فى مرآة الثورة.

ففى اللحظة التى رأينا فيها النساء يقفن فى مواجهة العسكر المدججين بالأسلحة، فى اللحظة التى نتأمل فيها بحزن صور الشهيدات ونتابع تغريدات نوارة نجم ومنى سيف، فى اللحظة التى شاهدنا فيها أم خالد سعيد تحتضن أم مينا دانيال وسميرة تفضح كشوفات العذرية، فى اللحظة التى نستمع فيها إلى شهادة الطبيبات اللاتى ضربن وهددن بالاغتصاب، فى كل هذه اللحظات وغيرها تتهشم المرأة القديمة التى طالما رأت فيها النساء أنفسهن. لقد اكتشفت النساء الكنز الكامن داخلن. لم تكن إيزيس إذن بشجاعتها وصلابتها وعنادها فى انتزاع الحق مجرد أسطورة، بل إنها حكاية حقيقية تجسد مفاهيم أكثر إنسانية وتوازناً فيما له علاقة بالنساء.

لم تطح ثورة يناير فقط بالطاغية، ولكنها أطاحت ولا تزال تطيح بأفكار المجتمع عن النساء وتصورات النساء عن أنفسهن. وهذا أحد تجليات ثورة اجتماعية ستغير وجه مصر فى السنوات القادمة. وسيكون الأمر صعباً للغاية، إن لم يكن مستحيلاً، على أى توجه سياسى أو فكرى أن يضع النساء فى مرتبة أدنى من تلك التى عرفن أنهن يستحققونها.

نحن نعرف الآن أن إيزيس ليست مجرد أسطورة، ونعرف كذلك أن «سخمت» إلهة الحرب والدواء، القاتلة والطبيبة فى نفس الآن، تعيش أيضا بداخلنا، فاحذروا أيها العسكر غضبتها.

http://www.almasryalyoum.com/node/567041

الأحد، 25 ديسمبر 2011

الفيلم التسجيلى عن الشهداء الذى تسبب فى بكاء استوديو اون تى فى

إلى اللواء عمارة: بعلم الوصول - أحمد الصاوي

جريدة الشروق - 25/12/2011

لا أعرف إذا كان اللواء عادل عمارة عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عرف ما يثور من جدل حول الأطفال الذين استند لـ«شهاداتهم» فى مؤتمره الصحفى، لكن الأرجح أنه إذا كان لا يعرف، فلابد أن يسعى لهذه المعرفة فورا لأنه واقع فى قلب هذا الجدل، وربما فى قلب الاتهامات التى تحيط بالمسألة برمتها.



اللواء عمارة فى خضم رده الذى يعتقد أنه كان «مفحما» على التساؤلات التى طغت بعد مجزرة مجلس الوزراء، وبعد أن علم الصحفيون أدب الحوار وهددهم بالطرد، ولم يرد على أسئلتهم، استعان بفيديوهات مصورة من خلال التليفزيون المصرى لأطفال يدلون بشهادات حول تحريضهم من قبل الثوار على الحرق والعنف، وأهمية الشهادات وطرحها تأتى من أهمية الذى استعان بها، لكن عندما تتهاوى هذه الشهادات تماما، ويثبت أن هؤلاء الأطفال متهمون فى قضايا أخرى، ومقبوض عليهم قبل أحداث مجلس الوزراء، ويثبت بأرقام المحاضر والأقسام أنهم كانوا فى قبضة أجهزة الأمن قبل اندلاع أحداث مجلس الوزراء، وتؤكد النيابة العامة ذلك، ويصدر عن مصادر فى وزارة الداخلية ما يؤكد ذلك لكنها تنفى مسئولية استخدامهم فى المؤتمر الصحفى وتلقى بها فى ملعب التليفزيون الرسمى.



ليس من حق اللواء عمارة إذن أن يصمت، وأن يذهب ولا يعود لاستكمال فصل جديد من فصول مؤتمره الذى لم يقدم فيه أى إجابات لكنه طرح مزيدا من الأسئلة، وبعد نهاية المؤتمر وتفجر ما سبق، طرح مزيدا من الشكوك ومزيدا من الاتهامات التى تزيد النيل من مصداقية عمارة وبالتالى وحسب الارتباط المباشر من مصداقية المجلس العسكرى.



أضف ذلك إلى قصة الطفل الذى تم إجباره على الشهادة ضد الناشر محمد هاشم، وثبت بشهادة الطفل نفسه هذا الإجبار، لتعرف أن هناك مسئولية باتت واجبة على اللواء عمارة، وبات عليه أن يجيب عن أسئلة جديدة بنظام المؤتمرات الصحفية الحقيقية التى يسأل فيها صحفيون مهنيون ما يريدون دون إعداد مسبق أو تصفيق على طريقة مؤتمرات الحزب الوطنى، وأن يواجه المعلومات والشهادات والحقائق فى مؤتمر لا يديره ولا يهدد فيه الصحفيين بالطرد.



لا يكفى أن يكون الموضوع فى يد النيابة العامة، فذلك مسار قانونى سيتولاه محققوها، لكن هناك مسارا سياسيا فى القضية لابد أن يستوفى، لأن هناك سلطة سياسية متمثلة فى المجلس العسكرى وناب عنها اللواء عادل عمارة استندت إلى هذه الشهادات فى الدفاع عن مواقفها، وبات تهاوى هذه الشهادات لا يحرم المجلس العسكرى من أدلة دفاعية فقط، لكنه يورطه كذلك فى تلفيق واضح واستغلال مسىء للأطفال والقصر لتقديم شهادات مزورة.



من الذى يصر على تحويل صورة المجلس العسكرى إلى فرع قليل الكفاءة من فروع المباحث العامة، مسئولون فاشلون حتى فى التلفيق، يكابرون فى الباطل، وتأخذهم العزة بالإثم، ويسقطون إما فى شر أعمالهم، أو فى شر أعمال غيرهم، فيستندون إما إلى جهاز أمنى ضعيف الكفاءة، أو إلى تليفزيون رسمى متردٍ إلى درجة فشله فى كتم صوت التأوهات والتعذيب التى كانت صادرة من خارج المشهد فيما الأطفال الذين يبدو التعذيب واضحا على وجوههم يدلون بشهاداتهم كما أراد الملقن. والآن إذا لم يرد عمارة من أجل الحقيقة فليرد على الأقل من أجل سمعته وسمعة المؤسسة التى يمثلها.

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=25122011&id=fb3b3f8c-b694-4056-862c-f31dd80e95e0

النهاية الحقيقية لجمهورية 1952 - محمد المنشاوي

جريدة الشروق - 25/12/2011

«اشتباكات فى قلب العاصمة القاهرة، على الهواء مباشرة، بين آلاف المواطنين المتظاهرين من ناحية، وبين جنود وضباط من الجيش المصرى من ناحية أخرى». كان هذا هو نص مانشيتات العديد من الصحف المصرية والعالمية خلال أيام الأسبوع الماضى. واقترنت هذه المانشيتات بصور ملونة لأفراد من الجيش المصرى يعتدون على فتاة مصرية شبه عارية.



وبعيدا عن تفاصيل أحداث مجلس الوزراء المشينة، وما آلت إليه من وقوع ضحايا أبرياء من الشباب، تبقى هذه الأحداث علامة تاريخية فارقة انتهت معها عمليا الجمهورية المصرية الأولى، والتى بدأت مع نجاح حركة الضباط الشباب، التى عرفت بحركة الضباط الأحرار عام 1952.



ظن البعض أن الجمهورية التى أسست لها حركة 1952 سقطت يوم 11 فبراير، يوم تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك. إلا أن استمرار استئثار المؤسسة العسكرية، ممثلة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالسلطة خلال الشهور الماضية جعلنى أتردد فى طرح فكرة انتهاء الجمهورية الأولى قبل الآن، فما زال المجلس يستند فى جوهره على شرعية حركة يوليو.



نعم كانت حركة يوليو حدثا كبيرا ليس فقط فى تاريخ مصر، بل فى تاريخ العالم كله، فقد مكنت مصر من قيادة حركة التحرر من الاستعمار الأوروبى فى العالم الثالث‏، غير أنه فى الوقت نفسه، عجزت حركة يوليو عن تلبية أحد أهم مبادئها الأساسية، وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة.



أختار الرئيس عبدالناصر أن يوقف التطور الليبرالى الذى شهدته مصر قبل 1952، رغم التحفظ الكبير على ممارسات تلك الفترة. واختار ناصر والسادات ومبارك أن يحكموا مستخدمين نظام الحزب الواحد مع تجميل الحياة السياسية بالسماح بليبرالية شكلية وديمقراطية مقيدة، ومنافسة حزبية صورية.



اعتمدت شرعية الجمهورية الأولى فى جوهرها على وضعية حساسة وشديدة الخصوصية للقوات المسلحة فى المجتمع المصرى. وسمحت هذه الوضعية الخاصة باستمرار سيطرة شبه مطلقة للمؤسسات الأمنية، ممثلة فى القوات المسلحة ووزارة الداخلية، على مختلف مراكز الحياة السياسية المهمة. ولم تتغير نسب تمثيل هذه المؤسسات الأمنية فى أرقى مناصب الدولة خلال عقود حكم الرئيس جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك. فقد ترأس رجال الجيش والشرطة شركات القطاع العام، وتولوا مناصب المحافظين، والوزراء وأعضاء المجالس المتخصصة، ومؤسسات الرئاسة وأجهزة المخابرات، هذا بالإضافة للتمثيل الواسع فى مجلسى الشعب والشورى عن طريق اللواءات والعمداء السابقين.



ولعل أكثر مظاهر «عسكرة» الجمهورية الأولى وضوحا تمثل فى مجىء رؤساء مصر الأربعة من المؤسسة العسكرية معتمدين بالدرجة الأولى فى شرعيتهم على شرعية حركة 1952، لا على شرعية ديمقراطية دستورية حقيقية أرسوها خلال عقود حكمهم.



كان أهم ما توارثه رؤساء جمهورية 1952 هو «الديكتاتورية الأمنية» التى بنيت على خديعة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، مما أدى للفشل فى التأسيس لأحد أهم مبادئ حركة يوليو، والمتمثل فى «إقامة حياة ديمقراطية سليمة». وإذا كان الرئيس عبدالناصر رغم تجاهله للديمقراطية قد حاز على شعبية كبيرة نتيجة تركيزه على مبدأ «تحقيق العدالة الاجتماعية»، إلا أن الرئيسين السابقين السادات ومبارك، قد تجاهلا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية معا.



شاهد ملايين الشعب المصرى الأسبوع الماضى، وللمرة الأولى فى تاريخه الحديث، اعتداء الجيش على مواطنين مصريين. تابع المصريون بالبث المباشر صورا لجنود وضباط مصريين يتبادلون إلقاء الحجارة مع المواطنين، وسقط 17 مواطنا قتلى بالرصاص الحى.



أسقطت أحداث الأسبوع الماضى الشرعية الرومانسية للجمهورية الأولى التى كان عمادها جيش قاد حركة تحرير التراب الوطنى من الاستعمار الأجنبى، كما أسقطت الغلالة الرقيقة التى كانت تفصل بين السلطة السياسية المدنية فى ظاهرها، والقيادة العسكرية التى سيطرت على مفاتيح الحياة السياسية فى مصر.



لا مكان للرومانسية فى الحياة السياسية للجمهورية الثانية. شرعية الجمهورية الثانية شرعية واقعية. خرج الشعب يوم 25 يناير يطالب بعيش وحرية وعدالة اجتماعية. واستمر الشعب فى الخروج ليسقط وزارات وينبذ وثائق ويصحح مسار المرحلة الانتقالية. ثم خرج يوم 23 ديسمبر ليحدد المعلم الأخير لشرعية جمهورية 25 يناير ويقرر سقوط حكم العسكر. إذًا فشرعية الجمهورية الثانية هى شرعية مصدرها الأول الشعب، وأسسها هى العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية وشكلها مدنى بلا عسكرية سياسية.



سيعقد مجلس الشعب أولى جلساته يوم 23 يناير 2012 مستبقا الذكرى الأولى لثورة 25 يناير بيومين. فليكن إعلان يوم 25 يناير العيد القومى الرسمى لمصر أول قرار يتخذه مجلس الشعب المنتخب فى أول انتخابات حرة فى تاريخ مصر. هذا القرار قد يبدو بسيطا مقارنة بالمهام الجسيمة التى تنتظر المجلس إلا أن دلالاته لا تقل جسامة: أمارة على استقلال المجلس واحترامه للشعب مصدر الشرعية، إكرام للشهداء والجرحى وعزاء لذويهم، شهادة ميلاد للجمهورية الثانية.



تغيير اليوم الوطنى لمصر لا يمثل أى إهانة أو تقليل من شأن ذكرى 23 يوليو، بل يمثل فهما واعترافا بواقع جديد يعترف عمليا وبصدق بالثورة وبنجاحها.

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=25122011&id=baaa8f7f-2737-4807-be3b-1b38569f434b

السبت، 24 ديسمبر 2011

الجمعة، 23 ديسمبر 2011

إلا القلوب الجبانة - أحمد الصاوي

جريدة الشروق - 23/12/2011

ستكون فى ميدان التحرير اليوم، تشارك فى احتجاج حضارى ضد كل القادمين من أنفاق الحضارة وظلماتها، لكنك قبل أن تنزل من فضلك احسم مع نفسك الهدف، هل تملك رؤية سياسية تريد التعبير عنها وهذا حقك، أم أنك غاضب وثائر على ما جرى من انتهاك للحرمات وحق الحياة؟ هل تنزل من أجل موقف سياسى تعلنه، أم من أجل خيار أخلاقى تتبناه ولا ترضى للسياسة وتفسيراتها وانحيازاتها الرخيصة أن تطغى على مشهد أخلاقى فى الأساس فتدفعك أن ترفض الظلم لأنك مختلف سياسيا مع المظلومين، وألا تشعر بالقهر لأنه بعيد عنك وعن من تعرف، وأن تنظر للنساء وقد جردن من ثيابهن ومشايخ الأزهر وقد غدر بهم وكأن أمرا عاديا حدث، لا ترى الشباب النقى الذين ذهبت أرواحهم إلى بارئها تشكو امتهان شرعه، وتحويله إلى أداة سياسية «ترقص» بين الحق والباطل دون تمييز.. تغضب من أجل «أختهم كاميليا» وترفع آيات النصرة والإغاثة، فيم يخفت صوت ذات الآيات حين تنتهك الأعراض جهارا نهارا.



أنت الآن فى الميدان منحاز لأخلاقك، التى وجدتها فى القرآن والإنجيل والتوراة، وكل قيمة قادمة من السماء، دون أن تتاجر بها، أو تحاول أن تشترى بها مقعدا فى البرلمان، أنت لا تعرف النساء اللائى سحلن، والشهداء الذين راحوا، هل هم ليبراليون مثلك، أم إسلاميون، هل هم أقباط أم مسلمون، هل هم رجال أم نساء، هل هذا يهم، هل كان المعتصم بالله يعرف من هى المرأة التى خرج الجيوش لنصرتها، أو سأل نفسه هل هى من المؤيدين لحكمى أم المعارضين؟



لا تسقط مرة أخرى فى اختبار الأخلاق، سأقولها لك صريحة، لقد سقطت فى امتحان «ماسبيرو» تركت لهم عقلك فملؤه بالطائفية المقيتة، قالوا لك إن «مينا دانيال» مجرد قبطى، والحقيقة أن صمتك على قتل مينا كان سببا فى قتل الشيخ عماد، بالأمس طلبوا منك أن تفسر الموت طائفيا حتى لا تتعاطف مع مسيحيين ماتوا مدهوسين على الإسفلت، واليوم يريدونك أن تفسر الموت سياسيا لتبرير الاستباحة والعار، لكن الحقيقة أنه لم يعد مطلوبا أن تكون مسلما أو مسيحيا، سياسيا من اليمين أم اليسار، ناشط بمرجعية إسلامية أم مدنية، المطلوب منك الآن أن تكون إنسان وكفى.



لا تعتقد أن الأخلاق بعد أن يعاد تفسيرها طائفيا أو سياسيا تصلح بعد ذلك أن تسمى أخلاق، الطائفية مرض والسياسة وجهات نظر نسبية، لكن الأخلاق مطلق لا يقبل التجزئة، وأنت فى الميدان اليوم لأنك إنسان، أخلاقك هى الثابت ومواقفك السياسية هى المتحرك، ووجودك اليوم دفاع عن الثابت فى تكوينك كإنسان ليس إلا.



لا تنظر حولك لتحسب الأعداد، لا تستوحش طريق الحق لقلة سالكيه، لا تهتم بمن لم يحضر، أو من يحرض عليك، أو من لم يمنعه دينه عن نفاق السلطة، ومن لم يحرضه «إيمانه» على قول كلمة حق فى وجه السلطان الجائر، اعلم أن قضيتك عادلة لها مرجعية دينية وقانونية وأخلاقية، لا تكترث بالقلوب الجبانة والتى فى صدورها مرض أو غرض، أنت الفاروق الجديد الذى ميزت بين الحق والباطل، واخترت «فطرتك» التى خلقها الله لتنصر العدل.



< «أدى الشهيد.. مصرى بنى آدم.. فى الأرض كل الناس بتحبه.. إلا القلوب الجبانة» أو كما قال أحمد حداد.. فلا تكترث بكل قلب جبان لم يحضر، ولا بكل قلب جبان يخون دماء الشهداء..!

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=22122011&id=4f0d97a8-316e-48d4-aa69-0ab87a4c2749

الشردوحة والمعلم بِسة - محمد فتحي يونس

جريدة التحرير - 23/12/2011

الشردوحة نتاج تزاوج وصفين يجمعان بين العهر والردح. تتوافر فى صاحبتهما قدرة غريبة على ممارسة الانحطاط. وفرض سياج اجتماعى لحماية تصرفاتها والجرأة عليها. يتكون السياج من الصوت العالى كسلاح يغطى على جوهر الفضيلة، أو بذاءة اللسان كقاعدة ضربات وقائية ضد مهاجمى الرذيلة.

انتبه الوجدان الشعبى إلى وجود الشردوحة وقوة تأثيرها، فكانت الأمثال الموثقة للظاهرة، ومنها «الشردوحة ست جيرانها»، فى إشارة إلى قوة السطوة، بسبب أسحلتها الفتاكة المضادة لدعاة الفضيلة، أو المقاومين للرذيلة، وهناك أيضا مثل يحذر من الصدام معها يقول: «تكلم الفاجرة تلهيك وتجيب اللى فيها فيك».. قد لا تكون الشردوحة محترفة البغاء الرخيص، بل أحيانا تغوص فى الانحراف الأخلاقى بلا مقابل مادى، وإنما إشباعا لرغبة، تحميها سطوة مثلما كانت شفاعات فى رائعة صلاح أبو سيف «شباب امرأة».

والشردوحة شخصية مشبعة بالعنف، تملك تاريخا طويلا من التعرض للمآسى، يزيدها صلابة ظاهرية وقسوة أحيانا، وفوق ذلك قدرة على التصالح الظاهرى مع النفس أيضا.

تملك الشردوحة ما تقدمه لغيرها.. فإلى جانب الغواية والمتع الحرام ربما تتمتع ببعض القيم المقبولة فى محيطها، كفرض الحماية على مريديها، أو الوقوف بجوارهم وقت الأزمة.

فى السياسة والإعلام لا تحتاج إلى قوة ملاحظة، كى تكتشف كم شردوحة الآن حولك، يقف أحدهم مهاجما ثورة يناير فى أوج اشتعالها، متحدثا بحرارة عن المؤامرة الخارجية لهزيمة مبارك بطل الحرب والسلام، وحديث عن دور الماسونية فى تفتيت الوطن، وكيف سيغير جمال مبارك تاريخ مصر، وكيف يضبط صفوت الشريف هارمونى الإعلام المصرى الرائد، وهو خلال ساعات بعد إزاحة المخلوع صب لعناته عليه، ويقول إنه عاد بمصر سنوات للوراء، بينما يتحول قائد الإعلام المصرى إلى مجرد «قواد».. مبررا تقبيل يده أمام الجميع بأنه «نوع من الذكاء الاجتماعى».. حتى يتجنب انتقام رجل الاستخبارات القديم الذى اعتاد تصوير الناس وفضحهم.

ومثلما تملك الشردوحة ما تقدمه لدافع الثمن تملك أيضا إمتاع «جيرانها»، فتستعمل لغتهم وتظهر ببساطة أولاد البلد، وهو أسلوب دعائى معروف يحمل اسم «التحدث بلغة البسطاء» يضمن التأثير، ومع فاصل من النكت والتمثيل الكوميدى، تحافظ الشردوحة السياسية على تأثيرها فى محيط جمهور بسيط محبط من تعالى النخبة، بل يغفر لها ما رآه من انحراف ظاهر فى الماضى.. وإزاء فترة إعادة الإحياء تعثر على السادة الجدد، فتمارس السطوة نفسها بأدواتها القديمة مع الزبائن الجدد.

الشردوحة الآن تحاصر مهاجميها بتهم الخيانة أو ملفات التلويث، مستندة على حدة أنصال أدواتها التقليدية وقوة سيدها الجديد، وبطشه.

«بسة» هو الشخصية الأخرى التى تملك تأثيرا يقارب تأثير الشردوحة بأدوات مغايرة.. تنبه إليه كاهن الرواية التليفزيونية الراحل العظيم أسامة أنور عكاشة، انتقل من مرحلة جامع للسبارس، إلى التجارة مع المحتل فى مدن القناة، وخلال انفتاح السبعينيات وجد ضالته فى التسقيع وتجارة العملة ازدادت الثروة، ثم ارتدى غطاء الدين فى العقد التالى للحصول على الملايين من «نصباية» توظيف الأموال، قهر «بسة» ومعه رفيقه «الخمس» منتقديه بسلاحى المال والدين، لا يجرؤ الكثيرون على التصدى لهما، فستخور قواهم أمام تهم الكفر، ولن يقاوموا المال بسهولة.

«بسة» تكاثر اليوم وكون إمبراطورية امتدت إلى الميديا، وصل تأثيره إلى جماهير عطشى للإيمان واليقين فى لحظات التوتر.. تحولوا إلى أنصار لهم جناح سياسى قوى.

إحدى نسخ بسة الجديدة، بدأ حياته مستثمرا فى محطة للفيديو كليب منحط الذوق.. ومع بزوغ المحطات السلفية أراد الاستفادة من كعكة التمويل، و«بهاريز» السوق الدينى الجديد.. لكن شراسة الأمن كانت عائقا محتملا، ويمكن الإطاحة بمشروعه وتسميم بقرته التى تحلب ذهبا فى أى لحظة، جمع الحسنيين، حافظ على محطة الراقصات، وبدأ استثمارا خجولا فى كنز المشايخ، كان الموقف متناقضا ويهز وقار الأباطرة الجدد، كيف تدخل الراقصات من باب مجاور للمشايخ فى ذات المبنى، سرعان ما أسالت المكاسب الجديدة لعابه فغامر، وتخلص من الراقصات، كسب الرهان، ربما نظر لنفسه كتائب يستثمر فى الحق، واعتبره المشايخ يبدأ عصر النور بعد ظلمات المعازف وجاهلية اللحم الأبيض، أطلق اللحية، وجمع نجوما وصنع آخرين، المرتبات باهظة عشرة آلاف دولار على الأقل، التفاصيل المالية كشفها شيخ سلفى اسمه الرضوانى فى فيديو على «يوتيوب». «بسة» استفاد من تراث الشراديح.. فتضاعفت القوى.. جمع داعية آخر بنى شهرته فى بلاط السلطة على سباب المعارضين وقت الثورة فى التليفزيون الحكومى.. حوّل بوصلته للحكام الجدد، وواصل حفلات السب.. مختلطة بجرعات التكفير وحديث المؤامرة.. أقام حروبا ومعارك تكفيرية فى الخلاف السياسى بين فصائل المجتمع، رافعا سيف الأخلاق وهو أول من لا يتحلى بها.. تعرت فتاة وسحلت وانتهك عرضها.. سارع بإكمال حفلة الهتك، معتبرا إياها تستحق مع ما تعرضت له، وقال إن من يدافع عنها نصابون.

اجتمع الشردوحة وبسة.. تضاعف التأثير وتضاعف الدخل.. وضمنا حماية السادة الجدد.

كم شردوحة وبسة الآن فى صفوف الثورة المضادة؟

http://tahrirnews.com/مقالات/الشردوحة-والمعلم-بِسة/

عددنا كتير - نجلاء بدير

جريدة التحرير - 23/12/2011

مسيرة البنات ردت فىَّ الروح. لم تفاجئنى الأعداد، كنت أتوقع أكثر.. لأننى أعرف بناتى.

فاجأنى احتياجى الشخصى لأن أكون وسط المسيرة.

كنت فى صباح نفس اليوم أسير فى طرقة قصر العينى أسأل نفسى، (هى الناس اتبلدت ولّا اتعودت ولّا اتجننت؟ولّا هو غاز محمد محمود أثر على عقولهم).

فى زيارة سريعة لقسم 5 رأيت مصابا (أصبح الآن شهيدا) اسمه سامح، كان وقتها يحتضر، أصيب يوم الجمعة بطلق نارى اخترق الوريد الأجوف السفلى، وهو الوريد الأكبر فى الجسم، فقد ساح دمه كله تقريبا، دخل غرفة العمليات أربع مرات، فى كل مرة يحاول الأطباء محاولة جديدة لإيقاف النزيف. ثم انتهى الأمر باليأس الكامل إلا من رحمة الله.

لسامح ثمانية إخوة فلاحين متعلمين، يعملون معا فى مشروعات ريفية، مرتبطين بأرضهم وبيوتهم وبلدتهم شبين القناطر، يمد أخو سامح يده لى ويقول «بصى إيدى.. أنا باشتغل بيها، عمرنا ما أخدنا من الحكومة دى حاجة ولا عايزين منها حاجة، أنا عايز أخويا يخف ويعيش بس».

أعود للسير فى الطرقة وأعود لأسأل نفسى (هى الناس كلها أصبحت طبقية، بمعنى أن الناس كلها بتهتم بالأغنياء)، أهل سامح ليسوا فقراء بمقاييس بلدتهم (بس الناس بتهتم بأهل المدينة والقاهرة تحديدا).

بعد أحداث ماسبيرو تأكدت أن أغلب الناس طائفيون فى أعماقهم، لأنهم لم يعترضوا على دهس وقتل المسيحيين بالدرجة المتوقعة.

بعد نزول الناس بالآلاف إلى الميدان فى اليوم الثالث لمذبحة محمد محمود عدت لأراجع نفسى، وأطمئن.

بعد مهزلة مجلس الوزراء اكتشفت أنه حتى أغلب الفقراء طبقيون، حتى أغلب الفقراء يحتقرون أنفسهم.

كانت البنات يهتفن من حولى «بنات مصر خط أحمر» فتمر أمام عينى صور الشباب الجميل الذى يرقد فى المستشفيات بين الحياة والموت. فأبكى بدلا من أن أردد الهتاف.

أريد أن أعدل الهتاف إلى «شباب مصر أولاد وبنات خط أحمر» حتى لا نتورط فى تمييز جديد. لكن حتى الشباب -الذين كلفوا أنفسهم بصنع كردون حول المسيرة لحمايتها- كانوا يهتفون «بنات مصر…».

عندما وصلت المسيرة إلى خط النار فى شارع قصر العينى، كان الضرب متوقفا، لكن كانت الأنوار مطفأة والشارع مظلما. أحكم الشباب كردونهم حول البنات فى مشهد للأسف حال الظلام دون تصويره، اخترق أحد الأطفال الكردون ودخل يرقص وسط البنات فارتفع صوت «إلحق العيال هيدخلوا» واندفع أحد الشباب حاملا الطفل بعيدا عن البنات.

جلست على الرصيف مع صديقات نستريح فتقدم منا شاب لم نرَ ملامحه فى الظلام قال «أنا عايز أشكركو أنكم جيتوا لأنكم كده بتثبتوا إننا مش بلطجية، مافيش بلطجية بيموتوا علشان بلدهم، لأ أنا عايز أحييكم».

إنهم يموتون من أجلنا ويشكروننا لمجرد قدومنا إلى مكان قريب منهم.

مسيرة البنات ردت فىَّ الروح.

لأننى كنت فى أمس الحاجة إلى الشعور بأننا (لسه عددنا كبير).

عند سلم النقابة رأيت عددا لم أره فى حياتى أمام نقابة الصحفيين شبابا وكبارا، بنات وأولادا.. يقولون «الجدع جدع والجبان جبان.. وإحنا يا جدع راجعين ع الميدان».

فى نفس الليلة مات سامح، 26 سنة، وأصبح شهيدا. وفى نفس الليلة كان محمد مصطفى يقاوم الموت، كان يفتح عيناه فيفجر طاقات أمل لدى أطبائه، فيتناقشون ويقررون ويحاولون، مزيد من الدم الساخن ينقلونه من أجساد أصحابه إلى جسده، ومزيد من الأدوية لجعل الدم يستقر فى جسده، لكن الدم يخرج مرة بعد مرة، فيلوح اليأس، فيفتح محمد عينيه ينظر إليهم دون أن يتكلم فيفهمون أنه ما زال يقاوم الموت فيحاولون.

سأذهب بعد كتابة هذه السطور لحضور جنازة الشهيد محمد مصطفى، 20 سنة، رغم أنه ما زال حيا، لأتأكد أنه لسه عددنا كتير.

http://tahrirnews.com/مقالات/عددنا-كتير/

الخميس، 22 ديسمبر 2011

المهمة الحقيقية لحكومة الجنزورى - أحمد منصور

جريدة التحرير - 22/12/2011

فى شهر يونيو الماضى التقيت فى العاصمة تونس رئيس الحكومة المؤقتة الباجى قايد السبسى، وهو أحد رجال الرئيس الراحل الحبيبب بورقيبة البارزين والمخضرمين، عمل معه فى عدة وزارات منذ الستينيات من القرن الماضى أهمها وزارة الداخلية وقد اعترف السبسى فى لقائى معه بأن كل الانتخابات التى جرت فى عهد بورقيبة وبن على هى انتخابات مزورة، غير أن أهم ما قاله السبسى فى مقابلتى معه هو أن المهمة الأساسية لحكومته هى وضع خطة الطريق بل تحديد مسار الحكومة القادمة من بعده لخمس سنوات على الأقل، وهذا يعنى أن السبسى والفريق المتعاون معه كان يدرك أن الشعب التونسى قرر التغيير، والتغيير يعنى المجىء عبر الانتخابات بفريق جديد كانت التلميحات تشير إلى أنه سيكون من الإسلاميين وتحديدا من حركة النهضة التى شرد رجالها فى أنحاء العالم ومَن بقى منهم سُجن داخل تونس واستمر هذا الوضع ثلاثة عقود كاملة من عام 1981 حتى عام 2011، حيث أُفرِج عن المعتقلين منهم وعاد المطارَدون بعد نجاح الثورة التى اندلعت قبل عام من الآن وتحديدا فى السابع عشر من ديسمبر الماضى.

قضى الباجى قايد السبسى عشرة أشهر يضع القيود الاقتصادية والسياسية لمن سيأتى من بعده، وكانت النتيجة هى إغراق البلاد فى مزيد من الديون، وتقييدها بمزيد من الاتفاقيات، أما العقبة الكبيرة التى وضعها أمام الحكومة القادمة بعدما حققت حركة النهضة الفوز الكاسح فى الانتخابات وكلفت بتشكيل الحكومة فهى قرار بزيادة رواتب كل موظفى الدولة (نحو نصف مليون موظف) زيادة تُقدّر بمليار دينار تونسى فى وقت تواجه فيه الموازنة والخزينة حالة صعبة للغاية، الأمر الثانى هو ترقية معظم موظفى الدولة، حتى الضباط المتهمين بقتل الثوار تمت ترقيتهم، كما أجرى تغييرات هائلة فى السلك الدبلوماسى للدولة بحيث يصعب على من يأتى وزيرا للخارجية إجراء أى تغيير على اعتبار أن التغييرات التى أجريت هى حديثة والعادة أن لا يتم إجراء تغييرات للموظفين إلا كل أربع سنوات، كما أجرى تغييرات هائلة فى إدارات الدولة المختلفة ووضع رجال بورقيبة وبن على فى القمة بحيث يصعب على من يأتى أن يدخل فى متاهة الصراعات الإدارية فى ظل أن الوزراء تقريبا كلهم لم يسبق لهم العمل داخل دوائر الدولة، إما كانوا فى السجون وإما كانوا مطاردين وإما كانوا من المغضوب عليهم فى ظل نظام بن على، وقد أكد السبسى ما قام به حينما قال فى كلمة له أمام مؤتمر «تبادل خبرات المرحلة الانتقالية» الذى عقد فى العاصمة تونس فى 13 ديسمبر الماضى «إن الحكومة التى سيعلن عن تشكيلها قريبا ستجد تركة من التحديات فى انتظارها». وقد أكد الجانب الاقتصادى المقيد بقوله «حكومتنا أعدت برنامجا اقتصاديا يقطع مع أى مرجعية أيديولوجية ولهذا أعتقد أن المجموعة الوزارية الجديدة ستواصل تنفيذ هذا المخطط الذى أعدته شبكة من الخبراء التونسيين».

هذه المقدمة الطويلة للهدف الرئيسى من المقال تؤكد باختصار أن المهمة الأساسية والحقيقية لحكومة الجنزورى فى مصر هى نفس المهمة تقريبا التى قامت بها حكومة السبسى فى تونس لرجل من نفس الطراز ولكن فى مصر الثورة، فبعدما قام المشير طنطاوى رئيس المجلس العسكرى بإقالة حكومة المنطفئين وهى حكومة عصام شرف جاء برجل من زملائه القدامى وأحد رجال مبارك المخضرمين الذين لعبوا دورا أساسيا فى بيع ممتلكات الشعب وهو كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق، ففى عهده وخلال ثلاث سنوات بيع من أملاك الشعب 133 شركة من شركات القطاع العام، ووضع الأساس لمشروع من أفشل المشاريع الاقتصادية فى مصر لا من حيث الفكرة ولكن من حيث التطبيق وهو مشروع توشكى، لكن لأن ذاكرة الشعوب ضعيفة، وتقيّم الناس بالانطباعات لا بحقائق الأعمال، ولأن كل من أقاله مبارك نُظِر إليه على أنه من معارضيه وأنه من الشرفاء نظيفى اليد دون تمحيص حقيقى فى الملفات، فقد ساد هذا الانطباع العام عن الجنزورى متناسيا أعماله طوال أكثر من خمسة عشر عاما عملها مع مبارك ونظروا فقط إلى أن مبارك قد أقاله دون دراسة الأسباب أو التعرف عليها. وما يؤكد أن الجنزورى جاء حتى يحقق نفس النتائج التى حققها السبسى أن الجنزورى يتصرف ويتحدث كأنه جاء ليبقى إلى الأبد وأنه سيضع السياسات لسنوات قادمة ويتعاقد من أجل الاستثمارات القادمة فى الوقت الذى من المفترض فيه أن حكومته التى ستبقى ستة أشهر فقط جاءت لتسيير الأعمال لا للبقاء إلى الأبد، لكنها باختصار جاءت لتضع طوقا حديديا اقتصاديا وسياسيا وإداريا ودبلوماسيا فى رقبة أى حكومة قادمة حتى لو أسسها الخلفاء الراشدون لا الإخوان المسلمون، وتجعلها عاجزة أمام الشعب ومقيدة أمام الخارج، فالوضع الاقتصادى فى مصر مزرٍ للغاية بل «غير متصور» حسب وصف الجنزورى نفسه. وقد أكدت التقارير أن الحكومة المنتخبة القادمة سوف تجد نفسها طوال عامين أمام قروض قصيرة الأجل عالية الفائدة علاوة على الديون طويلة الأجل التى وصلت فى حد الدين الداخلى وحده إلى أنه أصبح موازيا الدخل القومى للبلاد، حسب آخر التقارير التى نشرت يوم الأربعاء الماضى، وهذا ما دفع حكومة الجنزورى إلى أن تطرح يوم الإثنين 19 ديسمبر أذونات للخزانة تقدر بخمسة مليارات جنيه بفائدة عالية جدا تقدر بـ١٤٫٠٦% على أذون ثلاثة أشهر، و١٥٫١٤% على أذون تسعة أشهر ومع ذلك لا تجد من يشتريها بسبب عزوف البنوك عن الشراء وكذلك عدم الثقة بالحكومة، وهذا -حسب الخبراء- اتجاه يزيد من مخاطر الدين الداخلى.

إذن المهمة الأساسية لحكومة الجنزورى واضحة، وعلى الشعب العظيم الذى قام بهذه الثورة العظيمة أن يدرك حجم المخاطر التى تحيق بها وأن يتخلى عن عاطفته وانطباعاته فى تقييم الأشخاص وأن يقف عند حد أدوارهم وإنجازاتهم لا عند الانطباعات التى ترَّوج عنهم، وأن يدرك أن المستقبل لا يصنعه رجال الماضى.

إن الأشهر الستة القادمة المهمة الأساسية فيها هى تكريس سياسة الطوق الحديدى لأى حكومة قادمة حتى تبقى أسيرة لنظام مبارك وسياساته وسياسات رجاله مهما كانت وعودها للشعب.

http://tahrirnews.com/مقالات/المهمة-الحقيقية-لحكومة-الجنزورى/

الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

الثائر والراكب والمندس - معتز بالله عبد الفتاح

جريدة الشروق - 21/12/2011

هناك بالفعل ثائرون، وهناك كذلك من «راكب الموجة» وظهر مع هؤلاء وأولئك «المندس». أما راكب الموجة فهو الذى يعتبر أن المرحلة الانتقالية (بما فيها من غياب مؤسسات الدولة التمثيلية وعلى رأسها البرلمان، وضعف فى مؤسساتها القمعية وعلى رأسها الشرطة) هى فرصته لكى يأخذ حجما أكبر من حجمه وأن يتحدث بلسان الزعامة وأن يثبت حالة «النضال» التى هو عليها قبل أن تأتى الانتخابات لتكشف الأوزان النسبية الفعلية للجميع.



أما المندس، فهم فئة ممن «يتظاهرون بالتظاهر» من أجل التصعيد وصولا إلى مواجهة حقيقية بين الجميع ضد الجميع. ويبدو أنهم ناجحون فى أن يتخفوا بمهارة شديدة بحيث إن حديثى مع شباب الثورة يؤكد أنهم يعلمون بوجودهم ولكنهم غير قادرين على تحديدهم من الناحية الفعلية، وهو نفس ما يقوله المتحدثون باسم الجيش والشرطة. وفى قول آخر، إن هؤلاء المندسين ما هم إلا أناس محسوبون على السلطة الحاكمة من أجل تفزيع الناس.



إذن المعادلة فى الشارع أصبحت رباعية: أغلبية من الشعب يريد الاستقرار ولم يعد مستعدا لثورة أخرى حتى لو جاءت كنوع من استكمال الثورة، وقيادات الثورة من الكبار والصغار الذين يرون أن الثورة لن تؤتى جدواها إلا بمزيد من الضغط الشعبى (والتجربة أثبتت لهم أنهم على صواب)، وفئة ركبت الموجة وأصبحت تزايد على الثوار والثورة من أجل تحقيق مصالحها ومطالبها معها كتيبة الإعلاميين والصحفيين الذين يخلطون الحقيقة بالخيال ويتغذون على نقص المعلومات (الذى هو نقص حقيقى ولكنه ليس مبررا لاختلاق القصص والروايات)، وأخيرا الفئة المندسة، والتى يطلق عليهم البعض فلولا للحزب الوطنى ممن قرروا ضرب الثورة فى مقتل بدفعها نحو الهاوية بالدخول فى معركة مع المجلس العسكرى ومع أغلبية المواطنين.



ثلاثة دروس ينبغى أن نتعلمها:



أولا، المجلس الأعلى للقوات المسلحة قال إنه تسلم المهمة ولا يريدها، وبالتالى الأولى به والأفضل أن يتركها فى أسرع وقت. وأما وقد قال السيد المشير إنه على استعداد إجراء استفتاء لبقائه أو رحيله، فبدلا من الاستفتاء فليقم بعمل انتخابات رئاسية نأمل أن تأتى لنا برجل دولة يعى معنى الرئاسة ويستوعب أهمية مؤسسة الرئاسة.



ثانيا، لا بد أن تستمر انتخابات مجلس الشعب فى مسارها، فهذه هى الضمانة الوحيدة ألا تنقلب الأمور رأسا على عقب. وليعامل المجلس القادم بالاحترام اللائق بممثلى الأمة حتى ولو كان لبعضنا تحفظات على الأغلبية الفائزة. ذلك فإننا إن لم نحترم حكم الأغلبية التى نختارها فسنعود إلى حكم الفرد الذى لن نختاره.



ثالثا، سأجتهد مع آخرين فى كتابة عدة نقاط وربما مسودة دستور يمكن أن تعين الجمعية التأسيسية فى وضعها للدستور. الوقت لا يعمل لصالحنا، والتوافق مهم للغاية، والاستفادة من روح العصر وما أنجزته الدساتير المعاصرة مفيد للغاية. سنقدم مع آخرين المادة الخام التى يمكن للجمعية التأسيسية أن تستفيد منها (أو من غيرها) حتى ننجز المرحلة الانتقالية فى أسرع وقت. نريد قفزات محسوبة بدقة للأمام حتى لا تغرقنا اللحظة الراهنة فى صراعات تفقدنا الأمل.

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=21122011&id=b93a98a4-1ff9-46c1-bc89-3fe434f08526

بانتظار من يحترم عقولنا - فهمي هويدي

جريدة الشروق - 21/12/2011

الخبر السيىء ان يتحدث المجلس العسكرى عن المتظاهرين والمعتصمين باعتبارهم بلطجية وعاطلين ومخربين. أما الخبر الأسوأ فأن يكون أعضاؤه مقتنعين بذلك. الخبر الأول قدمه إلينا أمس الأول عضو المجلس العسكرى اللواء عادل عمارة واستشهد فى تأييد كلامه بتسجيلات مصورة قدمت لنا نماذج من أولئك البلطجية ومشاهد دالة على التخريب الذى حدث لبعض المنشآت العامة، وفى المقدمة منها مبنى المجمع العلمى المصرى. وشاءت الأقدار أن نشاهد على شاشات التليفزيون فى مساء اليوم ذاته (الاثنين 19/12) نماذج أخرى من المتظاهرين تحدثت عنها بعض البرامج الحوارية. فعرفنا الكثير عن العالم الجليل الذى قتل بالرصاص الحى، والطبيب النادر الذى بكته كلية طب عين شمس. والصيدلانية الشجاعة التى انهالوا عليها بالضرب وسحلوها، وعدد آخر من النشطاء والمهنيين والجامعيين الذين امتلأت بهم مستشفيات وسط البلد. إضافة إلى مسئول المستشفى الميدانى الذى جرى تحطيمه، ونالته ضربة أدمت رأسه المعصوب.



لم يكن أى من المشهدين ينفى الآخر، لكننا فهمنا أن البلطجية والمخربين كانوا موجودين وان المتظاهرين الغاضبين الذين لم تكن لهم علاقة بالتخريب، كانوا موجودين أيضا، وبعضهم رأيناه وهو يحاول إنقاذ بعض كتب ونفائس المجمع العلمى من الحريق، والذى لا يستطيع أن ينكره أحد أن المتظاهرين السلميين كانوا هم الأصل، أما البلطجية ومن لف لفهم فإنهم كانوا استثناء، رغم أن الأخيرين هم الذين حظوا بالنصيب الأوفر من التغطية الإعلامية، سواء لأن ما فعلوه كان الأخطر والأكثر إثارة، أو لأن هناك من أراد أن يخُصُّهم بالإبراز لإدانة المتظاهرين وتشويه صورتهم. على الأقل فذلك ما بدا من الشريط الذى عرضه عضو المجلس العسكرى، الذى أراد أن يوحى لنا بأن المتظاهرين لم يكونوا سوى عصابات من «الشبيحة» الخارجين على القانون.



هذان الخبران، السيىء والأسوأ، لم يكونا كل ما فى الأمر، لأن عضو المجلس العسكرى فى المؤتمر الصحفى عرض على مسامعنا ثنائية أخرى مماثلة. إذ كانت خلاصة الخبر السيىء الآخر الذى أعلنه أن ثمة مخططا تخريبيا ممنهجا يتم تنفيذه على أرض مصر، مستهدفا إسقاط الدولة. أما الخبر الأسوأ فإن أجهزة الأمن رغم علمها بذلك فإنها فشلت طوال الأشهر العشرة الماضية فى أن تضع يدها على أصحاب ذلك المخطط الجهنمى. بحيث تعين علينا أن نقتنع بوجود المؤامرة دون أن يتوافر لدينا ما يدل على هوية مدبريها أو حتى منفذيها.



لم تكن هذه هى الثغرات الوحيدة فى حديث عضو المجلس العسكرى، لأن ثغرات أخرى تخللته فأضعفت منه كثيرا، ولو أن لدينا آلية لقياس مؤشرات أصداء المؤتمر كما يحدث مع أسهم البورصة، لاكتشفنا بأن أسهم المجلس العسكرى انخفضت كثيرا بعد ذلك المؤتمر، وان حصيلته كانت خصما من رصيده، فلا هى حافظت على الرصيد المتآكل، ولا هى أضافت إليه شيئا.



من الثغرات الأخرى التى تخللت الخطاب أن اللواء عادل عمارة نسى أنه عضو فى هيئة تحكم البلد وتدير سياسته، وتكلم بحسبانه قائدا عسكريا يخاطب جنود الوحدة الذين يأتمرون بأمره. وحين أطل علينا بزيه العسكرى كاملا فكأنه أراد أن يقول لنا: انتبهوا جيدا إلى من يكلمكم. ولأنه جاء مستغرقا فى الدور فإنه وجه خطابه بالأساس إلى القوات المسلحة ولم يفته أن ينوه ويحذر من أن الجيش خط أحمر، وهو ما نوافق عليه بطبيعة الحال بعد إضافة أخرى بسيطة تذكر أن الشعب بدوره خط أحمر، وان شرعية الجيش ليست مستمدة من أسباب القوة التى يملكها، لكنها مستمدة بالدرجة الأولى من قدرته على الدفاع عن كرامة الوطن والمواطنين.



لم يعترف عضو المجلس العسكرى بأى خطأ وقع، ولم يعتذر عن أى إهدار لكرامة المواطنين، رغم تعدد الأخطاء وثبوت ذلك الإهدار. وحين وجد نفسه مضطرا للاعتراف بصحة صورة هتك عرض إحدى المتظاهرات، فإنه حاول تبرير ذلك بدعوة السامعين إلى تقدير الحالة النفسية والسياق الذى كان سائدا وقتذاك، وكل ما قاله ان الموضوع محل تحقيق.



أنكر السيد اللواء أن هناك أمرا صدر بفض الاعتصام بالقوة. وكنت قد أشرت مرتين من قبل إلى أن فض اعتصام ميدان التحريرفى 19 نوفمبر كان بناء على أمر صدر من المراجع العليا، ولم يعلم به وقتذاك لا رئيس الوزراء ولا وزير الداخلية. وهو ما أيده الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء فى حكومة الدكتور عصام شرف، فى حديثه الذى نشرته صحيفة «المصرى اليوم» أمس الأول 19/12.



إن ردود الأفعال على خطاب اللواء عمارة التى توالت خلال اليومين الماضيين تكاد تجمع على أنه لم يكن موفقا أو مقنعا. ومادام الرجل قد اختار أن يخاطب القوات المسلحة، فأرجو ألا يطول انتظارنا لمن يوجه خطابه إلى الرأى العام المصرى محترما عقله وذكاءه.

http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=21122011&id=f0770d4a-156b-417d-bb57-49a0fa4fe667

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

رسالة إلى المجلس العسكرى وضباط وجنود القوات المسلحة من لواء سابق بالقوات المسلحة

كاد الصمت أن يقتلني وأنا أن أري ما يجري في هذه الأيام دون إبداء الرأي على ما يصدر من قلة مريضة نفسيا من الضباط والجنود تملك السلطة ولا تملك شرف المهنة أو الضمير، تقوم بأعمال وحشيه ضد المتظاهرين المصريين، أفعالهم تدخل البيوت عن طريق التلفزيون والقنوات الفضائية ليراها الأطفال قبل الكبار، تسيء من قيمة الجيش المصري وتمحوا تاريخه وبطولاته ونضاله عبر الزمان



لقت تشرفت بان أكون ضابطا بقوات الصاعقة، وحاربت فى 67، وموقعة رأس العش، وحرب الاستنزاف، وفى حرب أكتوبر 73، أسرنا 28 إسرائيليا (وهم ألد الأعداء) ولم نعاملهم كالمعاملة التى رأيتها فى فض الاعتصام بالقوة في ميدان التحرير والقصر العينى!!! لأننا تعلمنا شرف العسكرية والمبادئ، وكيف نتعامل مع الأعزل الذي لا يملك سلاح، وأننا نحترم حقوق الإنسان ونحترم التعاليم الدينية.



إن ما حدث في ميدان التحرير، وأمام مجلس الوزراء عار علي الجيش بكل المعايير.



نداء إلى زملائي الضباط والجنود في الصاعقة:



– احترم شعار الصاعقة (التضحية – الفداء – المجد)، لا تلوث هذا الشعار بتصرفاتكم، حافظوا علي شعاركم، وأرجوكم افهموا معني هذا الشعار جيدا،

– أنا لا أعني عدم إطاعة الأوامر، إن مهمتكم الحفاظ علي المنشئات الحيوية وعلي ممتلكات الدولة وحمايتها من الداخل، فلا تخرجوا إلي الميدان أو تنزلوا إلي الشوارع خارج الأهداف المراد حمايتها، دافع عن نفسك وعن المنشأة بكل الطرق المشروعة فلن تلام ما دمت داخل الهدف، أما إذا خرجت إلي الشارع أو الميدان، فقد أسأت إلي نفسك وإلى القوات المسلحة ذات التاريخ المشرف علي مدار الزمان،

– كيف تتعامل مع أختك أو أخوك أو حتى إنسان أعزل بهذه الوحشية التي تؤدي إلي الموت!!!، وكل قنوات العالم تنقل أفعالك المشينة ضد شعبك ويسجلها التاريخ ضدك!.



أيها المجلس العسكري:



– أرجوك انظر إلي الأمام، وحافظ علي هيبة القوات المسلحة حتى لا تهان،

– هذا تاريخ سيدون ويتناقل علي مدار الزمان،

– أحسم الأمور وكفاك تباطؤ فقد ولت الأيام،

– لقد نفذ رصيدك لدى معظم الشعب، لكن الفرصة ما زالت في يدك لو أحسنت اتخاذ القرارات،

– سوف يدون لك التاريخ واقعة حريق المجمع العلمي، هي مسؤوليتك بجميع المقاييس، وفضيحة كبرى! (بسبب لعب كرة وإساءة تصرف ضابط برتبة صغيرة، تفقد الدولة مليارات الجنيهات وعلوم وتراث من كتب ومقتنيات لا يمكن تعويضها ولا تقدر بمال!!!)،

– أعلم أن هناك تدخلات وضغوط داخلية وخارجية، وأعلم أيضا أن المجلس العسكري يملك القدرة على السيطرة، وان يحسم الأمور إذا أراد،

– ما زالت الفرصة أمامكم، إذا أحسنتم اختيار القرار،

– أرجوكم: مصر وسمعة الجيش أمانة في أعناقكم، حافظوا عليها حتى يحفظكم الله.



لواء أ.ح. بالمعاش/ حمدى الشوربجى

هل تعود الأرانب إلى القفص؟! - علاء الأسواني

هل يمكن أن يعيش الإنسان دون أكل وشرب، بالطبع لا فهذه احتياجات أساسية يموت الإنسان إذا انقطعت عنه.. هل يستطيع الإنسان أن يعيش دون كرامة؟!.

الإجابة للأسف «نعم»، فالإنسان قد يعيش ويأكل ويشرب وهو فاقد لكرامته.. لقد شهد التاريخ الإنسانى ظاهرة العبودية، حيث عاش ملايين العبيد على مدى قرون دون كرامة، بل إن شعوبا كثيرة عاشت ذليلة بلا كرامة تحت حكم الاستبداد.. على مدى ثلاثين عاما عاش ملايين المصريين بلا كرامة تحت حكم مبارك، يأكلون ويشربون ويتحملون الإهانات ويتملقون صاحب السلطة، حتى يرضى عنهم، ملايين المصريين كان استمرارهم فى الحياة أهم لديهم بكثير من الحفاظ على كرامتهم، تعودوا أن يتحملوا إهدار كرامتهم، خوفا من العقاب وطمعا فى المكاسب، يتحملون غطرسة ضابط الشرطة ويقولون له يا باشا ويتحملون ظلم رئيسهم فى العمل وينافقونه حتى يرضى عنهم.. يتحملون المعتقلات والتعذيب وانتهاك الأعراض ويتغاضون عنها مادامت تحدث لآخرين ويوصون أولادهم بالمشى بجوار الحائط وعدم التظاهر أو الاعتراض على الحاكم مهما ظلمهم ونهبهم وأذلهم.. ملايين المصريين كانوا يعتبرون النفاق لباقة والجبن حكمة والسكوت عن الحق عين العقل.. بالمقابل فإن نظام مبارك كان يكن احتقارا عميقا للمصريين، المسؤولون فى نظام مبارك جميعا كان رأيهم فى المصريين أنهم شعب جاهل، كسول، غير منتج، تعود على الفوضى ولا يصلح للديمقراطية..

هذه الاستهانة بالشعب المصرى هى ما جعلت نظام مبارك يطمئن لسيطرته المطلقة على الحكم حتى أفاق على الثورة، كانت الثورة المصرية معجزة بأى مقياس، فقد ظهر جيل من المصريين مبرأ من كل أمراض الاستبداد، جيل لا يخاف ولا يسكت على الظلم.. شباب مصريون يشكلون نصف الشعب المصرى، كانت شجاعتهم وإخلاصهم للقيم النبيلة أمرا مستعصيا على التفسير.

فقد تربى هؤلاء الشبان فى ظل تعليم ردىء واعلام مضلل وقيم منهارة وحاكم يعتبر أن أكل العيش أهم بكثير من الكرامة.. بالرغم من ذلك فقد ظهر شباب الثورة فجأة، كالطفرة العظيمة، كأنما مصر شجرة عملاقة دائمة العطاء مهما أصابتها الأمراض يكون بمقدورها دائما أن تثمر أوراقا جديدة خضراء فى غاية النضارة..كان الهدف الأول للثورة استعادة كرامة الشعب المصرى، بالنسبة لمبارك ورجاله كانت المفاجأة مذهلة: هؤلاء المصريون خضعوا للإذلال سنوات طويلة ماذا جرى لهم وما الذى جعلهم مصممين على استعادة كرامتهم؟

نجحت الثورة فى إزاحة مبارك عن الحكم فى أقل من ثلاثة أسابيع ثم أوكل الثوار للمجلس العسكرى حكم مصر فى الفترة الانتقالية، هنا لابد أن نتوقف لنفهم اتجاهات الشعب بعد تنحى مبارك.. كان هناك بضعة ملايين من الفلول المستفيدين من نظام مبارك، الكارهين للثورة بالطبع، وكان هناك عشرون مليون مصرى اشتركوا فى الثورة بأنفسهم ونضيف اليهم ضعف عددهم من المتعاطفين مع الثورة..

بحسبة بسيطة سنكتشف أن هناك ما يقرب من 20 مليون مصرى لم يستفيدوا من نظام مبارك لكنهم فى الوقت نفسه لم يشتركوا فى الثورة ولم يتعاطفوا معها، هذه الكتلة الساكنة هم المصريون المذعنون، الذين عانوا من نظام مبارك لكنهم نجحوا تماما فى التواؤم معه، هؤلاء المذعنون أقلقتهم الثورة وأحرجتهم وجعلتهم يعيدون النظر فى المسلمات التى يبنون عليها حياتهم.. فالجبن ليس بالضرورة حكمة والإذعان ليس بالضرورة عين العقل، ها هم يرون بأعينهم شبانا فى سن أولادهم يستقبلون بصدورهم العارية الرصاص القاتل فلا يخافون ولا يتراجعون لأن الموت عندهم أفضل من الحياة الذليلة.

ظل موقف هؤلاء المذعنين من الثورة متذبذبا فهم وإن كان يسعدهم أن تحقق الثورة أهدافها ليس لديهم أدنى استعداد للتضحية من أجلها، تسلم المجلس العسكرى الحكم وسط تأييد شعبى جارف من المصريين الذين وثقوا فى قدرته ورغبته فى تحقيق أهداف الثورة إلا أن المصريين فوجئوا بأن تصرفات المجلس العسكرى غريبة ومشوشة.. عندما نسترجع الآن كل ما حدث سيكون من السهل رؤية الصورة بوضوح:

أولاً: قاوم المجلس العسكرى أى تغيير حقيقى ونجح فى استبقاء نظام مبارك فى السلطة وكان من الطبيعى أن يعمل النظام القديم على القضاء على الثورة، فقد رفض المجلس العسكرى كتابة دستور جديد واكتفى ببعض التعديلات على الدستور القديم وأجرى عليها استفتاء، ثم التف على إرادة الشعب وأعلن دستورا مؤقتا من 63 مادة حدد ملامح النظام السياسى بعيدا عن إرادة المصريين.

ثانياً: ترك المجلس العسكرى الانفلات الأمنى يتفاقم ولم يفعل شيئا لحل الأزمات المتوالية المصطنعة التى أحالت حياة المصريين إلى جحيم وجعلت قطاعا من المصريين «المذعنين» يكرهون الثورة ويعتبرونها السبب فى كل مشكلات حياتهم.

ثالثاً: قاد المجلس العسكرى حملة لتشويه سمعة الثوريين وبعد أن كان شباب الثورة يقدمون باعتبارهم أبطالا قوميين تحولوا فى الإعلام الرسمى إلى عملاء ينفذون أجندات خارجية وبلطجية ومخربين يريدون إسقاط الدولة.

رابعاً: قام المجلس العسكرى من البداية بتقسيم الكتلة الثورية إلى إسلاميين وليبراليين، وقام بإذكاء مخاوف كل فريق من الآخر.. فهو تارة يقترب من الإسلاميين، ثم يشير إلى الليبراليين فيسارعون إليه ليكتب لهم وثيقة تحميهم من الدستور الإسلامى الذى يفزعهم، وعندما يغضب الإسلاميون يعود المجلس إلى استرضائهم.. وهكذا دخل رفاق الثورة فى حلقة لا تنتهى من صراعات واتهامات أدت إلى تفتيت القوة الثورية وإضعافها.

خامساً: نظم المجلس العسكرى الانتخابات بطريقة تستبعد شباب الثورة تماما من البرلمان وفتح الباب على مصراعيه للإسلاميين حتى يحصلوا على الأغلبية.. يقتضينا الإنصاف هنا أن نؤكد أن الإسلاميين يتمتعون بشعبية حقيقية مؤثرة فى الشارع وأنهم لابد أن يحصلوا على نسبة كبيرة من أصوات الناخبين فى أى انتخابات نزيهة، لكن ما حدث فى الانتخابات كان شيئا مختلفا، فقد قدم جهاز أمن الدولة خبرته الكبيرة وتمت الاستعانة بلجنة عليا للانتخابات لا تفعل شيئا لإيقاف الانتهاكات ولا تطبق القانون وتم التغاضى الكامل عن جميع المخالفات والجرائم الانتخابية التى ارتكبها الإسلاميون

وعندما بدا للجميع أن الإسلاميين سيحصلون على غالبية المقاعد استغل المجلس العسكرى مخاوف الليبراليين وشكل منهم مجلسا استشاريا ليكونوا ذراعه اليمنى فى تحجيم الإسلاميين، وهكذا ظل الصراع متأججا بين شركاء الثورة بطريقة تؤدى إلى بقاء المجلس العسكرى فى السلطة، إذ يحتاج إلى وجوده كل الأطراف.

سادساً: عن طريق أحداث مدبرة من نظام مبارك تم إظهار مصر كأنها وقعت فى فوضى شاملة، وكان من الطبيعى أن تهتم الدول الكبرى بما يحدث فى أكبر دولة عربية وتحرص على حماية مصالحها فى المنطقة، عندما انتهكت إسرائيل الحدود المصرية وقتلت ستة ضباط وجنود مصريين على أرضهم لم يفعل المجلس العسكرى شيئا من أجل محاسبة إسرائيل على جريمتها، كانت هذه رسالة للولايات المتحدة، مفادها أن سياسة حسنى مبارك سوف تطبق بالكامل من المجلس العسكرى وأعقب ذلك تأييد كامل من الخارجية الأمريكية للمجلس العسكرى، بل إن البيانات الأمريكية فى مديح المجلس العسكرى تستعمل التعبيرات نفسها التى كانت تثنى بها على حسنى مبارك.

هكذا تم إجهاض الثورة المصرية بتنفيذ خطوات متوالية محسوبة بعناية.. بقيت خطوة أخيرة ضرورية لإنهاء الثورة واعتبارها كأن لم تكن. بعد أن تم حصار الثوريين واستبعادهم من البرلمان وتشويه صورتهم كان لابد من توجيه ضربة ساحقة تكسر إرادة الثوريين إلى الأبد.

كانت الظروف مواتية للضربة الساحقة: قيادات الإسلاميين لا تريد أن تغضب المجلس العسكرى، طمعا فى مقاعد البرلمان، وكبار الليبراليين جالسون على مائدة المجلس العسكرى، طمعا فى مناصب الوزارة المقبلة، أما طائفة المصريين المذعنين فقد تحول قلقهم من كل هذه الأزمات والصراعات إلى كراهية حقيقية للثورة، وهم بصراحة كاملة يحنون إلى أيام مبارك حين كانت حياتهم ذليلة ومهينة لكنها مستقرة وآمنة. تم تدبير مذابح متكررة كلها تمت بالطريقة نفسها: أجهزة الأمن تدفع ببلطجية فيحرقون المنشآت ويمارسون التخريب وهكذا يصاب المصريون بالذعر ويعتقدون أن الثوار بلطجية ثم تعقب ذلك موجات من الاعتداءات الوحشية على المتظاهرين، ليس فقط من أجل قتلهم وفقء عيونهم وإنما - وهذا الهدف الأهم - لترويع المصريين جميعا من فكرة النزول إلى الشارع أو التظاهر وإرجاعهم إلى حالة الإذعان السابقة على الثورة.. إن كل من شاهدوا الجرائم الرهيبة التى ارتكبها أفراد الأمن والجيش ضد المتظاهرين لا شك قد تساءلوا: لماذا يتعمد أفراد الأمن ضرب المتظاهرات وهتك أعراضهن على الملأ؟!.

ماذا يستفيد الجنود عندما يضربون سيدة مسنة أو عندما يكشفون عورة متظاهرة ويخلعون ثيابها أمام الكاميرات؟!. الغرض الوحيد من ذلك كسر إرادة المصريين وإرجاعهم إلى الخنوع، الغرض أن نشعر مرة أخرى بأننا نواجه قوة ساحقة لا قِبَل لنا بها وأن نرتعد خوفا من فكرة إغضاب السلطة أو معارضتها، فى كل مرة عندما نرى المتظاهرة وهى عارية تدهسها أحذية الجنود سوف نتذكر أمهاتنا وزوجاتنا ونخاف من أن يلقين ذلك المصير..

الغرض أن نستسلم لإرادة السلطة القاهرة، أن تعود الأرانب إلى القفص فيغلق عليها المجلس العسكرى، وعندئذ يفعل نظام مبارك بمصر ما شاء. إن المعركة القائمة الآن بين الثورة ونظام مبارك. إن إصرار المتظاهرين على الثبات أمام قوات الأمن مهما تكن التضحيات يرجع أساسا إلى شعورهم بأنهم القوة الوحيدة المتبقية للثورة.. إنهم يموتون ليس دفاعا عن شارع محمد محمود ولا عن الاعتصام أمام مجلس الوزراء وإنما دفاعا عن الثورة.. فى كل مرة يحتشد نظام مبارك ليوجه الضربة النهائية للثورة تفاجئه مقاومة عنيفة من الثوار تربك حساباته وتضطره إلى ارتكاب المزيد من الجرائم الوحشية من أجل كسر إرادة الثوار بأى طريقة وأى ثمن.. إن إرادة الثورة حتى الآن لم تنكسر وكلما اشتدت وحشية نظام مبارك زادت مقاومة الثوريين.. واجبنا الآن أن نرتفع فوق الخلافات ونتوحد فى مواجهة نظام مبارك الذى يرتكب كل هذه الجرائم.

بالرغم من عورات الانتخابات الكثيرة فيجب، فى رأيى، أن نقبل نتائجها وندعم بكل قوتنا مجلس الشعب القادم لأنه فى النهاية الهيئة الوحيدة المنتخبة من الشعب المصرى.. يجب أن تتوحد كل الجهود فى اتجاه واحد: تسليم السلطة من المجلس العسكرى إلى حكومة مدنية يشكلها مجلس الشعب. اليوم وليس غدا.

الديمقراطية هى الحل.

المصري اليوم
http://www.almasryalyoum.com/node/558301

حقائق عن العسكر - عمرو الشلقاني

من صديق على الفيس بوك

 
فكرت قبل كتابة هذه الكلمات لما تحمله من خطورة علي، ولكنني وجدت أنه وجب علي كتابتها خصوصا بعد مؤتمر المجلس العسكري المليء بالأكاذيب ونهج نفس طرق مبارك القذرة، لالتباس الأمور عن كثير من الناس، مع ملاحظة أن هذه السطور لمن يريد أن يعمل عقله فقط وليست لمن اكتفى بقول أننا في زمان فتنة دون أي إعمال للعقل أو المنطق .

حتى تضح الصورة أكثر عن العسكر ..
(نسبة تأكدي من هذه المعلومات 100% .. و ما هو اقل من ذلك لن أذكره مع اعتذاري عن أي لفظ أو تشبيه قد أكتبه مضطرا حتى لا يختل المعنى)

حقائق عن العَسكَر

1-     العسكري لا يأخذ أمره من مدني، هكذا عودنا تاريخ مصر الحديث ورصدته بالمواقف مصادري الخاصة.

2-     أغلب من ينتمون إلى المؤسسة العسكرية ينظرون إلى المدنيين على أنهم أدنى منهم، (كأن المدني هو حلقة الوصل بينهم و بين الغوريلا في سلم التصنيف!!!)

3-     يتم غلق مواقع اليوتيوب تماما داخل المعسكرات التي تحتوى على اتصال بالانترنت حتى لا يشاهد المجندون والضباط حقيقة ما يحدث بالخارج .

4-     الشتيمة الرسمية في الجيش للمستجدين: "يا مدني يا أبو شخة"!!!!!!!!!!!!!!!!!!

5-     أغلب أفراد المؤسسة العسكرية (و هنا أتكلم عن نسبة لا تقل عن 95%) يؤمنون بأن آخر ثائر من ثوار يناير مات يوم 11 فبراير، ومن بعد ذلك هم متمردون عن أوامر قادتهم العسكر في كتيبة جمهورية مصر العربية .

6-     أكثر من 95% من المؤسسة العسكرية يعتقدون أنه لا يوجد مخلوق اسمه "متظاهرة شريفة"،"ده لو محترمة ماكنتش نزلت من البيت"، المتظاهرات بالنسبة لهم هن "علياء المهدي" أو " البنت اللي طلعت تقول إحنا بننام مع الأولاد في نفس الخيمة في الاعتصام وما بيحصلش حاجة!"

7-     المنقبة التي تم سحلها و تعريتها هي بالنسبة لأغلب العسكر غير شريفة عشان نزلت من بيتها ودليلهم إنها كانت لابسة عباية على اللحم وهي بنظر أغلبهم مخطئة ± فاجرة !!!!

8-     رأيت بأم عيني المتظاهرين وهم يوقفون شابا يحمل صندوق بيبسي مليء بالمولوتوف ويمنعونه من التقدم لمجلس الوزراء! ورأيت بنفس العين المولوتوف وهو يتم إلقاؤه من أعلى !!!!!

9-     اتصلت بالمطافئ لإطفاء حريق هيئة الطرق الكباري الذي استمر أكثر من ثلاث ساعات ولكن الرد كانت رسالة صوتية ..تقول انه لا يمكنني الاتصال من هذه المنطقة !!!!!
هل لمصلحة صورة الثوار في ذهن الشعب ..عدم إطفاء الحريق ؟

10- استقبلت بنفسي المراهق ذا الإثنتي عشرة سنة في قصر الدوبارة و قد فارق الحياة في ثوان معدودة، وقد كان مصابا بكسر في قاع الجمجمة بالفحص الإكلينيكي .

11- تم إرسال فاكسات حربية في الأيام القليلة الماضية للتنبيه على منع الأفراد من التظاهر أتبعت بغسيل مخ قوي لمسح عقول الأفراد.

12- تم غلق شارع الخليفة المأمون في خلال دقائق معدودة في أثناء توجهنا لوزارة الدفاع في مسيرة سلمية، بينما تم ترك المجمع العلمي لساعات يُعتدى عليه من البلطجية، مع العلم أن شائعات إحراقه كانت قبل حرقه بيوم كامل.

13- رأيت بعيني أكثر من مرة أن الجيش أغلق الطريق المؤدي إلى وزارة الدفاع في أقل من 5 دقائق بقوات ومدرعات وأسلاك شائكة عتدما أراد حماية منشأة حيوية و هي وزارة الدفاع!

ملاحظات وتساؤلات عن الأحداث

1-     أليس المجمع منشأة حيوية ؟؟ لمصلحة من يتم السماح بحرقه ؟؟هل لمسح و تبرير صورة جيشنا العظيم وهو يسحل بنات مصر ؟

2-     المجلس من صعد هذه الأحداث وهو وحده من يملك زر إنهائها !

3-     عندما تتعامل ببلطجة مع احد المعتصمين عشان كرة و أيا كان السبب ..ولا تطبق عليه القانون ..فلا تلم على البلطجية أنهم يبلطجون، يا من تمثل السلطة التشريعية والتنفيذية و القضاء العسكري!!
عدم تطبيق القانون أدى إلى استشهاد أكثر من عشرة أشخاص و إصابة المئات،عرفت يا مجلس عسكري ليه يسقط يسقط حكم العسكر ؟ ليه مش عايزينكو؟ مش عشان انتو رفضتوا تجوزوا بناتكم للثوار، ولكن لأنكم فشلتم في إدارة المواقف والأزمات وفشلتم في تطبيق القانون حين استطعتم تطبيقه مع المعتصم مفجر الأزمة واخترتم البلطجة بديلا !

4-     كل مصري معتصم سلمي حر هو أخو كل مصري و كل معتصمة متظاهرة سلمية بنقاب أو من غير، لابسة هدوم تقيلة أو خفيفة! هي أختي و هي خط أحمر .

5-     لازم تبقى عارف هتقول لربنا إيه لما يسألك عن حق أختك وأختي وأخوك واخويا اللي اتسحلوا بعد ما صدقوا المجلس لما قالهم الاعتصام والتظاهر حق مكفول للجميع !

6-     من يرى أخته تركل في صدرها بعد أن يتم نزع ثيابها ويعمل نفسه مش شايف زي اللي شاف مراته بتغتصب من مأمور القسم ولما استنجدت بيه، قالها: أنت اللي غلطانة ..اللي خلاكي تعدي من الشارع اللي فيه القسم (الحق المشروع)، وبعدين الباشا وعدني انه مش هيطول عن ربع ساعة (يونيو 2012) مش كده ياباشا ؟...الباشا : عيب عليك بس بشرط اعمل نفسك مش شايف (نزل في بيانات وأُشجب براحتك).
الجميل إن جوزها همس في ودانها وقال لها اعذريني ..أول ما الربع ساعة (الست شهور) ما تخلص هاجبلك حقك وهأحاسبه ! المأمور ساعتها بص بعيد وضحك و عمل نفسه مش سامع !!

هذه الشهادات أحاسب عليها أمام الله وجب علي قولها في ظل هذا الإعلام الكاذب ابتداءً من مؤتمر المجلس العسكري ..إلى أصغر إعلامي في النظام الذي لم يسقط بعد وأعيي خطورة كتابة هذه الكلمات في ظل بلطجة نظام مبارك ..ولكن فعلت هذا حتى يظهر جزء من الحقيقة الغائبة عن أعين الكثيرين.

إن قرأت هذه السطور ومازلت ترى أن المتظاهرين والمتظاهرات السلميين منهم مخطئون ..ومازلت ترى أننا في فتنة ..أنا أسف إني ضيعت وقتك .

آسف عليك يا مصر وآسف على عقول شعبك...ولا عزاء لبناتك ....فيمن كانوا رجالك .