الأربعاء، 30 مارس 2011

سرور.. يستطيل ليتطهر..! - علاء الغطريفي

فى إحدى روايات «والتارى» أودع بطل الرواية العاهرة «نفر نفر» بيت الموت بعد أن أوقعته فى حبائلها وأضاعت حياته وماله وتسببت فى موت والديه، أملاً منه فى أن تلقى حتفها وسط الجثث وأحواض التحنيط، لكن اللعوب كانت ابنة من بنات إبليس، فحولت القائمين على بيت الموت إلى متصارعين عليها، فانتهى بهم الأمر قتلى فى سبيل ليلة فى أحضانها، لتخرج من بيت الموت إلى الحياة لتعاود غِّيها وشرورها فى عالم الأحياء.

لم أجد فتحى سرور يختلف كثيراً عن «نفر نفر»، فالشرور واحدة وإن كان الجمال سلاح «نفر نفر» فى الإيقاع بالبشر، فإن سرور استخدم المكر والدهاء، لكن بطريقة «أنا مش عارفنى»، حسبما أشاع وارتاع فى حواره مع «المصرى اليوم» ليصف لنا حاله طوال أكثر من عشرين عاما فى عهد مبارك، فهو يستطيل ليتطهر، فالرجل يقول نصا: «كنت ساخط، وماكانوش بيحكوا لى على كل حاجة، لأنى كنت باخد الجانب المعارض دايما، لهذا كنت عايز أول فرصة أسيب، لولا مكالمة رئيس الجمهورية اللى قالى فيها رشح نفسك، وبعدها الأمين العام صفوت الشريف قال لى الرئيس بيقولك رشح نفسك».

وهكذا استمر سرور على كرسيه لتمرير الموافقات والمنافقات للحاكم وحزبه رغما عن أنفه، لأن الأمواج كانت هادرة عالية بقامة أحمد عز، الذى أذاقه الأمرين بتحديه وسيطرته على الأغلبية، غلبان والله يا سرور ياما مرمطك عز ورجاله.

سرور، نعلم أن إسهاماتك العظيمة فى القانون، لم تأت لنا بالمادة ٧٦ وغيرها من المواد سيئة السمعة، فأنت صاحب الفتوحات القانونية العظيمة، ولم تكن يوما ما ترزيا أو «سيد قراره» أو صانعاً عبقرية الانتقال إلى جدول الأعمال أو مسؤولا عن الجلسات الطارئة لاستهداف المعارضين وإسقاط عضوياتهم أو دافن تقارير المركزى للمحاسبات فى حديقة المجلس!

لم نرك إلا مناصرا للحق مناهضا للباطل، أفسحت المجال لاستجوابات المعارضة وسعيت لتمكين السلطة التشريعية من مراقبة السلطة التنفيذية وكنت عوناً للشارع فى ضبط أداء حكومته وحاربت الفاسدين، بطرح قضاياهم فى أدراج مكتبك ولم تنس يوماً ما أن محمد إبراهيم سليمان كان شريفاً عفيفاً وجاهدت فى سبيل مواجهة الأغلبية للحزب الحاكم ولكنك فشلت، فكرسيك كان بعيداً حبتين عن مقاعد النواب!

يا عينى عليك، عز كان بيسلط عليك النواب عشان يغلوشوا عليك فتضطر إلى غلق باب المناقشة، والوزراء ماكانوش بيحترموك، وكنت دائما تنصح وتقول، ولكن آذانهم كانت إحداها من طين والأخرى من عجين، والعجين اللى اتعجن طول ٢٠ عاما لم يكن عجينك فلم تكن قوانين الاحتكار والضرائب العامة والضريبة العقارية وغيرها صنيعتك، فقد كنت متفرجاً فقط وعندما تبدى رأيا كان عز يسكتك بعصاه ونوابه، وتذهب باكيا إلى صفوت الشريف وعزمى فيهدئانك ويطمئنانك بأن عز ظالم ولكل ظالم نهاية، وتكفكف دموعك وتمسح خديك وتعود مكسور الجناح فى متتالية إنسانية مأساوية!

وفيما يتعلق بمادة التوريث، فقد كنت تدير المناقشات فقط، مجبوراً، بسبب حضور الرئيسين الحالى والقادم للمناقشات، عندك حق فكيف تعارض رئيسين حتة واحدة، فالبحر عالى وأنت تستطيل لتقاوم أمواجه حتى لاتغرق، والقصر خيبة، قصر اليد والحيلة أعنى.

وعلى طريقة صدق أو لا تصدق، بدأت «نفر نفر» فى التطهر لكنها تحمل فى قلبها عهر السنين، وأخذت تردد ماقاله سرور علها تتعلم منه فقد تجاوزها بحنكته، وقررت أن تسجل ماقاله قبل ٢٥ يناير وبعدها، ليكون دليلا لكيفية التطهر وغسل السمعة والتلون، فكتبت من أول السطر:

قبل: إن محاولات بعض المرشحين للتشكيك فى نزاهة وشفافية الانتخابات سقطت وكشفت عن نوايا هؤلاء المرشحين للإساءة لمصر وتجربتها الديمقراطية، بعد: نتائج الانتخابات الصادمة، لم أكن راضيا عنها، ووصفتها، لأكثر من شخص، بأنها كانت «غباءً سياسياً».

قبل: البرلمان الحالى سيكون قوياً وستنشأ معارضة من الداخل، لأن ذلك يحدث بالفعل فى الحزب الوطنى، بعد: لا أحب العبث، وفى الانتخابات بعض الضباط حصلوا على أرقام «هلامية»، وأنا «قرفت» من المجلس، لأن الانتخابات كانت غير مطمئنة.

قبل: أقبل بـ(جمال) رئيساً لمصر، والرافضون له باعتباره ابن الرئيس يشكلون اعتداء على الحقوق الدستورية للمواطن جمال مبارك.

بعد: كثير من القريبين من الرئيس- وأنا منهم- لم تكن تعجبهم شائعات التوريث، والرئيس ذات مرة قال لى: «يا فتحى ماتصدقش حكاية التوريث دى، لإن إحنا مش سوريا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق