الثلاثاء، 1 مارس 2011

محمد حسان.. اثبت محلك

بقلم علاء الغطريفى ٢٨/ ٢/ ٢٠١١

اتصل بى شقيق محمد حسان، يطلب مساعدتى لتمكين الشيخ من الظهور فى أهم برنامج «توك شو» مصرى بعد اندلاع ثورة يناير، وألح علىَّ فى الطلب كثيراً بتهافت كنت أظن أن العلماء يترفعون عنه وبعيدون عنه كل البعد، ولكن خاب ظنى من رغبة الظهور التى طغت على كل شىء، وفى ظل قناعتى بأن رجل الدين يجب ألا يتدخل فى السياسة بخير أو شر، انتهى الأمر دون تحقيق رغبة الظهور التى أحسبها «غريزة»، ووجد الشيخ ضالته فى فضائيات أخرى ومنها فضائية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الدولة والحزب الحاكم، وأرغى الشيخ وأزبد وهاج وماج مع حشرجة وصوت مذبوح فى حديث عن السياسة ذكر فيه كلمات بدت لسامعيها تثبيطا لعزم المتظاهرين فى ميدان التحرير، وبلهجة أبوية فوقية أخذ يبالغ فى دور الفضائيات الدينية متحسراً على غيابها قائلا «لو كانت القنوات الدينية موجودة لخاطبت هؤلاء الشباب ليبينوا لهم الحكم الشرعى»، وبدا الشيخ كأنه ورقة أخيرة يلقى بها السلطان لإجهاض الثورة وتأليب المواطنين عليها، ما سبق تذكرة لعلها تنفع المؤمنين العقلاء، لابد أن نضعها فى إطار التفسير والتمحيص عند قراءة مشهد مسجد النور الذى دخل إليه الشيخ فى حراسة وخرج فى حراسة بل اضطرت إدارة المسجد إلى نقب المنبر لإخراجه من وسط الجموع.

المشهد الذى بدا مثل حفلات الأوسكار يدخل إلى النفس مقارنات بين شيخ اللحظة الفائتة وشيخ اللحظة الحالية، وبين مواقف ماقبل ٢٥ يناير ومابعدها، فلم أر الشيخ قبل الثورة معارضا تليدا للنظام ولم أجد رسائله الدعوية توجه خطابها الواضح الصريح ضد الظلم والاستبداد والقهر والعدوان على المصريين، فلم أسمع منه سوى «التقية» والخوض فى العام دون الخاص والتركيز على أن تأكل بيدك اليمنى وتدخل المراحيض برجلك اليسرى وهكذا للحفاظ على طلته الفضائية، ويتحدث إلى الناس بطريقة «لا تقربوا الصلاة» رغم علمه بأن هناك سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله ومن بينهم رجل قال كلمة حق عند سلطان جائر.

«حسان» الذى طفا على السطح على «حس الثورة» يدفعك إلى تذكر الشيخ عبدالحميد كشك رحمه الله ومباشرته وصدقه فلم يخش فى الحق لومة لائم وتحمل تبعات تصديه للظلم دون خوف أو وجل، فلم يهادن أو يمرر أو يتفاهم أو يتواصل أو يضبط مؤشراً أو يضع بوصلة، وآمن بمبدأ «قل كلمة حق ثم امض».

الشيخ «حسان» كان يتضرع للرئيس لكى يعيد فضائية الرحمة وامتلأت الصحف بمناشداته، مؤكدا فيها دائما على أنهم لا يتحدثون فى السياسة وليسوا مسؤولين عن احتقان طائفى هنا أو هناك، ولكن تغير الحال ودانت الأمور وكالغير من نهازى الفرص نزل بحر السياسة على طريقة «نحن لا نسعى إليها لكنها تسعى إلينا» ليبدأ أحاديثه بإثارة موضوع المادة الثانية من الدستور وكأن الأمور استقرت فى مصر وحُلت كل المشاكل وبقيت قضية المادة الثانية.

يصنع حسان مع آخرين ومنهم عمرو خالد جسراً لمصالحهم على حساب دماء الشهداء بانتهازية تعكسها تحركات هنا وهناك ترى فيها السياسة تلبس رداء الدين، وإذا اختلفت معهم أو خالفتهم فأنت حاقد كاره وتنالك اتهامات الكفر والإلحاد وغيرها من تهم الإقصاء والاستبعاد.

حسان كان يكرر كلمات الرئيس المخلوع عند نصحه للمتظاهرين فقال «لقد سمى الرئيس الشباب بالشرفاء فلا تلوثوا ما قمتم به لا للتخريب لا للتحريق»، المتظاهرون لم يخربوا يا شيخ ومن فعل ذلك عناصر غير مسؤولة نجدها فى كل مجتمع خاصة مجتمعات الفقر والجوع، أرجوك لا تدع هواك ينسيك جادة الحق وطريق الصواب، فالحضور فى الفضاء العام يضعك فى مرمى النيران، وإذا اشتغلت بالسياسة فعليك تحمل مخاطرها، يا شيخ لم نرشحك للرئاسة حتى تعتذر فى بيان رسمى، وكفاك خوضا فى لجة السياسة، فمسجدك أولى بك وبرنامجك الفضائى يسعك ويسع آخرين، فكف عما تفعل ونستعير التعبير العسكرى «اثبت محلك» لننهرك وننهر أمثالك من رجال الدين الراغبين فى نزول بحر السياسة.

وختاما قال الشاطبى فى الاعتصام «مخالفة ما اعتاده الناس عبء ثقيل.. وأهل الحق فى جنب الباطل قليل».

هناك تعليق واحد:

  1. دفاعاً عن الشيخ محمد حسان

    بقلم أحمد الخطيب ٣/ ٣/ ٢٠١١

    نصب صديقى علاء الغطريفى محكمة تفتيشية خاصة للشيخ محمد حسان، ذلك الداعية ذائع الصيت والصدق والتأثير، وأشهر من وقفوا فى وجوه السلاطين والحكام من غير اجتراء أو ادعاء بطولة.. وقد خلع على الرجل أوصافاً فقط دون أن ينقل عنه كلمة واحدة قالها، وإنما اكتفى بأن يوصّف مشهد دخوله مسجد النور وخروجه من دون أن يذكر للرجل ماذا قال وبماذا خطب.. كل ما شغل صديقى هو المشهد العام، دون أن يفتش للحظة واحدة عن تاريخ الرجل فى الدعوة أو يعرف ما الذى تعرض له طوال نحو ٢٥ عاما من الدعوة إلى الله.

    وقد صنف صديقى الرجل بأنه ضد الثورة، وهذا غير صحيح، لأننى استمعت لخطاب الشيخ فى القناة التى قال عنها الغطريفى إنها تابعة لأمن الدولة وذلك اتهام وتفتيش آخر، وقد كان الشيخ يدعو الشباب إلى عدم الذهاب إلى قصر العروبة، لأن فيه ما لا يحمد عقباه.. وكلنا كان يعرف مدى خطورة أن يتحرك الثائرون من ميدان التحرير إلى قصر العروبة، وقال الشيخ إن ذلك إذا حدث ستكون هناك مذبحة، وقواد الثورة ونحن والجميع كان يعرف ذلك، وطالب الرجل الثوار بالالتزام بالميدان.. وعدد الرجل مظالم النظام وقال نصاً: «كم ظلم أولئك الشعب، وكم فعلوا به، فرب دعوة مظلوم فى قلب الليل هى التى أتت حصيداً على هؤلاء» وكان يقصد نظام مبارك.

    الشيخ محمد حسان دفع من حياته والتضييق عليه وعلى رزقه والتنصت على هواتفه وهواتف أسرته ما لم يدفعه أحد منا يا صديقى.

    يجب ألا يزايد أحد على أبناء التيار الإسلامى تحديداً والدعاة منهم فى القلب.

    كل أبناء التيار الإسلامى، بدءاً بالراديكاليين، مروراً بالمعتدلين وحتى علماء الأزهر والأوقاف، الذين كنا نسىء بهم الظن، كان نظام الرئيس مبارك يحاصرهم محاصرة الغزاة.. لم يدفع أحد مثلهم ثمنا لمعارضة نظام الرئيس مبارك.

    لقد قال صديقى إن الشيخ حسان لم يتحدث عن الظلم والاستبداد والقهر، وأنا أحيله إلى خطب الشيخ ومآثره.. ولعلى لا أزيد إذا قلت إن الشيخ لم يتحدث طيلة حياته فى غير هذه المواضيع.

    أما إن كان صديقى يريد من الرجل أن يحمل سيفه شاهراً إياه ضد مبارك لادعاء البطولة، فإننى أقول له ولكل من ينصب محكمة التفتيش: يجب أن نحاكم الشعب المصرى كله لأنه كان يقف على أعتاب نظام مبارك ولم يصدع بكلمة فى وجهه.. ولماذا لم أرك تفتش عن الذين قالوا صراحة إن مبارك هو الأمل والخلاص، أم أن تقولك على الشيخ لأنه لا بواكى له.

    إن الإسلاميين تحديداً بجميع طوائفهم فى عهد مبارك لاقوا من الظلم والعنت والتضييق ما لم يلاقه أى إنسان فى بسيطة مصر.

    ولعلك ياصديقى لم تعرف أن الشيخ تضامن مع الثوار فى التحرير وذهب وقضى معهم نصف نهار، كما لم تعرف أن التليفزيون المصرى عرض على الشيخ أن يخرج على شاشاته ليحض الثوار على الرجوع، فرفض الرجل رفضاً تاماً، وقال كلمته المشهورة «أنا أدور مع الحق حيث دار».

    ردحذف