الثلاثاء، 1 مارس 2011

يا شيخ الأزهر

بقلم: عماد الدين حسين

قبل اندلاع ثورة 25 يناير كان لدى البعض بصيص أمل أن يتمكن شيخ الأزهر د. أحمد الطيب من استعادة جزء ولو بسيط من دور الأزهر التنويرى المنحاز للإنسان وليس الحكام. لكن فتواه يوم الخميس العاشر من فبراير الماضى أكدت أنه مجرد موظف ينفذ أوامر من أصدر قرار تعيينه، وليس رجل دين ينطق بما يرضى الله ورسوله. ثم جاءت فتواه قبل يومين الداعية للتظاهر ضد القذافى والخروج عليه لتؤكد أنه لا أمل تقريبا فى أى رجل دين يعمل لدى السلاطين.

الكثيرون اختلفوا مع الشيخ الراحل محمد سيد طنطاوى وأنه كان عصبيا ويفتى بما يرضى السلطان الذى هو حسنى مبارك، هؤلاء تفاءلوا بأن الطيب سيكون افضل.

مساء الخميس العاشر من فبراير الماضى وقبل ساعات من تنحى حسنى مبارك من رئاسة الجمهورية أصدر الطيب فتوى استغربها الجميع مفادها أن التظاهر غير شرعى والخروج على طاعة الحاكم الذى هو حسنى مبارك حرام.

فى تلك الأيام الرمادية، تحدث الطيب وغيره من رجال الدين الرسميين مطالبين الشعب ليس فقط بعدم التظاهر، بل بعدم صلاة الجمعة فى المساجد بحجة أننا فى أوقات الخوف والجزع...

حدث ما حدث ورحل مبارك رغم فتوى الطيب وتم تصنيف الرجل فى خانة «مفتى السلطان».

كدنا ننسى الأمر لولا أن الطيب عاد يوم السبت الماضى ليخرج علينا بدعوة كل المسئولين وضباط الجيش الليبى لعدم طاعة القذافى فى إراقة دماء الشعب. وقال الطيب فى كلمته ان النظام الليبى فقد كل شرعية بعد ان استحل الدماء التى حرمها الله مطالبا العالم أجمع بأن يهبَّ لنصرة الشعب الليبى.

بعد هذا الكلام.. كيف لى ولغيرى أن يثق فى كلمات هذا الشيخ؟! ما هو الفارق بين مبارك والقذافى؟! النظامان ارتكبا نفس الجرائم.. قتل الشعب وسرقته وقمعه والفساد المنظم؟

الفارق فقط ربما كان فى الدرجة.. لكن أليس من قتل شخصا واحدا فى شريعة الإسلام فكأنما قتل الناس جمعيا؟!.

لماذا التظاهر ضد مبارك والخروج على حكمه حرام بينما هو حلال ضد القذافى؟!

هل لأن القذافى لا يملك أن يضر الشيخ؟!.

هل يا فضيلة الشيخ إرضاء الحاكم أهم من إرضاء الله وكيف تختلف الفتوى باختلاف الشخص والبلد رغم ان الظروف متماثلة؟!.

يا فضيلة الشيخ: من موقع شخص كان يحبك أتمنى أن تخرج إلى كل المصريين وتقول لهم إنك اخطأت وإنك كنت مضطرا.

لو كنت مكانك يا فضيلة الشيخ لقدمت استقالتى وذهبت لاعيش فى القرنة بالبر الغربى من الأقصر.

هناك حيث مسقط رأسك، تستطيع من شرفة منزلك ان ترى مقابر الحكام الفراعنة.. ويمكن أن تتأمل وقائع التاريخ، وتقرأ عن علاقة الحكام بالكهنة خصوصا كهنة معبد آمون.

هؤلاء الكهنة قاموا بتأليه الفراعنة واقناع الشعب المسكين بكثير من الاساطير والخرافات.. لكن قليلا من الكهنة حتى فى تلك الأيام الغابرة تمكن من الخروج من هذه الدائرة الجهنمية وترك لنا آثارا تفضح ظلم وبطش هؤلاء الحكام.

ما يبقى يا فضيلة الإمام هو الانحياز للشعب وتصحيح الدين، أى دين والمؤكد أنه لا تناقض بين الاثنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق