الجمعة، 11 مارس 2011

إلى المواطن «مصرى»: لا تحزن.. ولا تتراجع - محمد رضوان


بقلم محمد رضوان ١٠/ ٣/ ٢٠١١

إلى المواطن «مصرى» منذ ٢٥ يناير حتى يوم نزول رئيس وزراء مصر عصام شرف إلى ميدان التحرير.. إلى أفضل من أخرجته ثورة مصر الرائعة: لا تحزن.. لا تيأس.. لا تتراجع تحت ضغوط وضباب كثير من الأمور السيئة التى تراها هذه الأيام.. هل كنت تتصور أنها نزهة، أو أنها مسألة سهلة؟!.. أبداً لم تكن هكذا والمعارك الأشرس مازالت أمامك.. كان نائباً للرئيس لمدة ست سنوات ثم حكم مصر فرداً ديكتاتوراً لأكثر من ثلاثين أخرى فأرسى قواعد وكيانات ضخمة للاستبداد والفساد رعاها حتى تغلغلت فى كل مناحى حياتنا، فهل نتصور بعد هذا أن نجتثها فى أيام أو أسابيع؟.. أو نتوقع من أذنابه وذيوله التى ربّاها أن تكتفى الآن بالفرجة والمشاهدة، وهى تدافع عن معركة بقائها ووجودها.. بل عن حياتها؟.. وضع قوانين للفساد وامتدت يده وأيدى المنتفعين من حوله إلى العبث بشكل غير مسبوق فى مواد الدستور الذى كان بالفعل ناقصاً ومنقوصاً واستبدادياً، فجعله أسوأ وسخرية للعالم كله، بمادته رقم ٧٦، ووضعنا الآن فى مأزق: هل تتم التعديلات فقط فى مواد الترشح للرئاسة ومدتها والإشراف القضائى، ثم نتجه لانتخاب البرلمان والرئيس.. ومن بعدها نبدأ الإعداد لدستور جديد؟.. أم نعدل لانتخاب الرئيس أولاً ثم من بعده البرلمان «الشعب والشورى»؟ أم نلغى مجلس الشورى لأنه بلا فائدة ترجى؟.. أم نرفض هذا كله وننتخب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد تماماً.. ومجلس رئاسى يدير البلاد إلى جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة لفترة انتقالية أطول؟

تلك هى القضية الأهم الآن.. والتى توارت خلال الأيام القليلة الماضية، خلف دخان حريق وفضائح وأسرار ووثائق «أمن الدولة» واقتحام مقاره وحوادث البلطجة والانفلات الناتج عن الفراغ الأمنى لوزارة الداخلية التى اختفت فى ظروف غامضة!!. ثم أخيراً دخان الفتنة الطائفية فى أطفيح وأمام التليفزيون وفى المقطم ومنشأة ناصر.. هذا الدخان وهذه الانفجارات التى يدفعون بها فى وجه المواطن «مصرى ٢٥ يناير» لإبعاده عن القضايا ذات الأولوية لمستقبل مصر ولإجهاض الثورة.

إن لهم فى تدبير الحوادث الإرهابية والطائفية تاريخاً عريقاً، ووثائق أمن الدولة تشهد الآن، كانوا يدبرون حوادث الإرهاب لتمديد العمل بقانون الطوارئ ولاستخدامها فزّاعة للغرب من تيارات الإسلام السياسى، ولتبرير القمع وانتهاك حقوق الإنسان، وبالمرة لمساندة النظام، وكانوا يدبرون الحوادث الطائفية ويجعلون الفتنة قضية جاهزة دوماً للاشتعال «كسراً لشوكة الأقباط» أحياناً ـ كما قالوا فى وثائقهم ـ وشغلاً للرأى العام عن كوارث ومصائب أكبر فى أحيان أخرى.. ماذا تنتظرون من نظام مثل هذا.. بعضه مازال يحكم ويتحكم!!

هل تحسب يا «مواطن ٢٥ يناير» أن نظام تحالف الاستبداد والفساد لأكثر من ثلاثين عاماً يمكن أن يسقط فى أيام أو أسابيع، وأن يكون سقوطه بسقوط رأس النظام وبعض رجاله فقط؟!.. المؤكد.. لا.. إن معركتك مازالت طويلة تتطلب كل اليقظة والوعى والصبر والجلد.. والقوة أيضاً.

كان ولايزال تحالفاً قوياً.. بعضه من رجال الأعمال الذين أثروا ثراء فاحشاً من الفساد المالى والسياسى.. من الاستيلاء على ثروة مصر من الأراضى والغاز وشركات القطاع العام ومن الاحتكار.. اقتربوا من السلطة وتحكموا ثم حكموا فى سنوات النظام الأخيرة، واستعدوا بكل ما أوتوا من قوة ومال لتمرير مشروع التوريث.. وبعضه من قيادات فاسدة لجهاز أمن ضخم هو الداخلية بذراعيها: الأمن المركزى، القوة الباطشة دون عقل.. وأمن الدولة، المتحكم فى كل مفاصل مصر، والذين حسموا أمرهم تماماً ــ طبقاً لما جاء فى وثائقهم ــ مع الحزب الوطنى وقياداته الفاسدة ومشروع التوريث!!

البعض الثالث، هو النخبة الفاسدة المستفيدة والمنتفعة فى الحزب الوطنى وبعض توابعه، خاصة فى الإعلام الحكومى، والتى ساهمت مع بقية أضلاع التحالف فى التحكم بمصر ونهبها ومصادرة ثروتها لصالحه، وفى تجفيف وتجريف منابع السياسة والسياسيين فى مصر حتى وصلنا إلى حالنا الآن: فقدان أى وجود سياسى حقيقى وفعّال لأى قوى باستثناء جماعة «الإخوان».

التحالف الفاسد مازال موجوداً إذن.. يستخدم أسلحة أمن الدولة، والمال، والانفلات، والفراغ الأمنى، والشائعات، والبلطجة، والفتنة الطائفية، والجهل والتشدد والتطرف، والحزب الوطنى، والإعلام الفاسد.. كلها فى مواجهة الثورة، التى لم تتسبب فى أى من هذه الظواهر الرديئة ولم تنتج أياً منها.. هى فقط تريد مصر حرة ديمقراطية عادلة وآمنة ومزدهرة.

لذا أدعوك يا «مواطن ٢٥ يناير»: قف فى ثبات، ولا تدع اليأس يتسلل إلى قلبك.. أعد لثورة مصر رونقها وقوتها.. وعد إلى ميدان التحرير ــ كلما تطلبت الأحداث ــ والوقائع لتصحيح مسار الثورة أو لمواجهة المتحالفين ضدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق