الخميس، 26 نوفمبر 2009

العداء الجزائرى لمصر - د.خالد عزب

المصري اليوم - 23/11/2009

آراء صاخبة وحالة غير طبيعية سادت العلاقات المصرية الجزائرية، مقالات كُتبت وصفحات سُطرت، لكن هذه العلاقات فى ظل أجواء معادية لمصر فى الجزائر فى حاجة ماسة إلى أن نراجع أنفسنا مرات ومرات. فى واقع الأمر أن الحلم الجزائرى بالاستقلال ارتبط بمصر وبالمشروع القومى العربى، الذى اهتز أول مرة مع هزيمة ١٩٦٧، واهتز مرة أخرى مع مبادرة الرئيس السادات للسلام سنة ١٩٧٧،
ونشأت جبهة الصمود التى كانت الجزائر إحدى ركائزها، فشن الإعلام الجزائرى حملات متتالية ضد مصر، جعلت يقين الجزائريين بمصر مهزوزا تشوبه حالة من الاندهاش تارة وتارة أخرى حالة من العداء، فهذه الدولة الرائدة عربيا، التى كانت رمزا للصمود، صارت رمزا للاستسلام من وجهة نظرهم، وبنى على هذا لسنوات طويلة، فضلا عن أن مصر عبدالناصر غير مصر مبارك، فالأولى كانت تسعى للتدخل المباشر فى شؤون الدول، والثانية تسعى لاحترام سيادة الدول ومصالحها.
لكن مع عودة العلاقات المصرية الجزائرية فى عهد الرئيس مبارك، لم تبذل مصر مساعى كافية لإعادة بناء صورة مصر لدى الجزائريين، وتحولت الملاعب الرياضية لساحة للتعبير عن السخط الجزائرى على مصر، فكأن الرياضة تعكس صورة مصر لدى الجزائريين، ولم يدرك الجزائريون إلى الآن أن مصر- الدولة والشعب- أصبحت لديها رؤية واقعية، وأن السلام مع إسرائيل هو جزء من التعامل مع المعطيات السياسية، ومصر لم تتخل ولن تتخلى عن مشروعها الوحدوى العربى وعن هويتها العربية.
تكمن المشكلة فى نظام بدا أنه فى حاجة ماسة الآن إلى التغيير الجذرى، وهو المستشار الثقافى الذى يتبع وزارة التعليم العالى ويختار من أساتذة الجامعات، دوره يركز على رئاسة البعثة التعليمية، وهى وظيفة محدودة إذ هى إدارية بحتة، فى حين أن المستشار الثقافى والمركز الثقافى المصرى فى أى بلد هو الأداة التى يجب أن تعمل على التعامل مع المجتمع الجزائرى وغيره، لتقديم صورة مصر المعاصرة، والحد من الحالة العدائية لمصر فى الجزائر، وبناء أصدقاء جدد لمصر فى الأجيال الشابة فى الجزائر، بل إن الكتاب المصرى غير متوافر فى الجزائر إلا فى فترة معرض الكتاب،
حتى زيارات المثقفين المصريين للجزائر محدودة، يجب أن يتولى المركز الثقافى المصرى فى الجزائر مثقف يستطيع أن يتحرك فى الساحة الجزائرية فى كل المدن، يتواصل مع الجميع، يساعد السفير المصرى فى أداء دوره ويتكامل معه، كما أن رجال الأعمال المصريين الذين يستثمرون فى هذا البلد عليهم أن يساهموا فى دعم أنشطة هذا المركز.
على الطرف الآخر لم يبذل الجزائريون جهدا لتحسين صورة الجزائر فى مصر، فعلى الرغم من سياسات الرئيس مبارك التى اتسمت بالترحاب بالجزائريين، فإن الثقافة الجزائرية، بل الوجود الجزائرى فى مصر محدود، فصارت صورة الجزائر فى مصر هى مباريات كرة قدم يشارك فيها فريقان فصار الأمر وكأنه نزاع حربى، فى حين أن علماء الجزائر ومفكريها وأدباءها- ماعدا القليل منهم- غير معروفين فى مصر، وقد حاولت مرارا دعوة بعضهم للتواصل مع مصر، إلا أن فرنسا كانت هى المحطة المفضلة لعدد كبير منهم،
لذا بات الجانبان المصرى والجزائرى فى حاجة ماسة لإعادة بناء صورة الآخر لدى الطرف الآخر، مَنْ مِنْ شباب مصر يعرف الجزائر ومعالمها وشوارعها وطبائع أهلها، كل شباب مصر لا يعرف من الجزائر سوى كرة القدم، فهل يعقل أن دولة بحجم الجزائر لا تستطيع أن تقدم فيلما أو أفلاماً تسجيلية تشرح الجزائر الدولة والشعب للمصريين؟ أين الكتاب الجزائرى فى مصر؟ ليس له حضور سوى فى معرض الكتاب بصورة محدودة جدا، لذا اختزلت الجزائر فى مصر فى مباراة كرة قدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق