الاثنين، 14 فبراير 2011

رسالة من مصري إلى أخيه العربي

أخي العزيز شكرا لك، مشاعرك الصادقة ليست غريبة من مواطن "مصري"، نعم مصري لأن الدم الذي يجري في عروقك يجري في عروقي، فأنت وأنا مصريان و شاميان و عراقيان و خليجيان و مغاربيان، حتى وان حاول الطغاة المستبدون إقناعنا بغير ذلك، بأن الحلم الوحدوي انتهى و لا يناسب روح العصر. ثم إننا وقبل كل شيء "إنسانان" نتوق للحرية و نحيي الكفاح في كل مكان من الهند إلى جنوب أفريقيا إلى فلسطين السليبة.

لا أخفيك سرا يا حبيبي كم كانت الأيام العشرين المنقضية عصيبة، لكنها بدون مبالغة كانت أجمل أيام حياتي. أبصرت النور لأول مرة، تنسمت الحرية لأول مرة، استشعرت آدميتي لأول مرة، عرفت شعبي لأول مرة، واحترمت وطني حقا وعدلا لأول مرة. ولأول مرة أدرك معنى المقولة الخالدة "لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا"، والتي كنا نرددها دون أن نحس معناها الصادق الفخور. يقولون "الحرية غالية الثمن" لكن، يا حبيبي، لا تصدقهم، طعم الحرية للمحروم منها رخيص جدا و إن دفع حياته ثمنا لها. صدقني لا تستطيع قوة الوقوف أمام الجموع الهادرة والإرادة الشعبية الصادقة.

لم أكن أتصور أن أرى الطاغية و زبانيته و أبواقه في يوم من الأيام يهربون كالفئران، بعد أن ظلوا ثلاثين عاما يرهبوننا و يقمعوننا و يكممون أفواهنا حتى نصبوا أنفسهم آلهة للشر و الفساد، لكنهم في حقيقتهم كانوا أصناما تافهة بائسة عاجزة، تحطمت كلها مع أول ضربة معول من الشعب. سمعت من إعلامي محترم اسمه عمرو الليثي هذه المقولة: "عاند الرئيس الشعب ثلاثين عاما وما سقط الشعب، ثم عاند الشعب الرئيس أسبوعين فأسقط الرئيس".

يا أخي نحن شعوب "ترتدي حضارتها تحت جلدها"، ومن يقول إنا خانعون منبطحون فهو واهم، لقد ثار التونسيون و المصريون، والبقية تأتي..إنها ثورات "الجِمال" و "الأفيال" و "الصبار"، واتق شر الحليم إذا غضب. وفي الحقيقة لقد فاجأتنا ثورتنا، نعم فاجأنا أنفسنا. لم أكن أتخيل أن اسمع صوت الرصاص الحي و أجري باتجاهه، لم أكن أتصور أن أواجه مجرما (عسكري أو مدني) دون أن يهتز لي جفن، لم أكن أتصور أن أقول "لا" للطاغية مع كل تنازل يائس يسترحمنا به رغم أننا لم نكن نحلم بهذا التنازل، لم أكن أتصور أن أصرخ حتى يبح صوتي بكلمة واحدة..."ارحل"...يا أخي كم هي حلوة الكلمات عندما تكون صغيرة وسهلة وفي ذات الوقت حادة و قاطعة، تقطع أوصال الطاغية و طغمته دون أن ينزف أحدهم قطرة دم واحدة.

أشكرك على التهنئة المخلصة المبهجة..والعقبى لباقي شعوبنا الحبيبة المقهورة.

أيمن محمد عبد الفتاح

14/2/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق