السبت، 6 نوفمبر 2010

‌الوفاة في المحبس


الوفاة في المحبس


من المتفق عليه علميا انه يجب فحص كل حالات الوفاة في المحبس فحصا دقيقا و متأنيا لاستبعاد وجود أي إضرار متعمد بالسجين بأي شكل من الأشكال و إخلاء ساحة القائمين على هذا المحبس.

وسائل الإيذاء المؤدي إلى الوفاة في المحبس

1) الإيذاء المتعمد (Act of Commission): و ذلك بتوقيع عنف بدني أو نفسي شديد على السجين.

2) الإيذاء بالإهمال (Act of Omission): و ذلك بإهمال توفير الاحتياجات الضرورية لحياة السجين كالشراب و الطعام والرعاية الصحية.

تشخيص أسباب الوفاة في المحبس

‌أ. يتعين على طبيب مصلحة الطب الشرعي في بعض الأحيان أن يزور المحبس و يعاينه لاستبعاد وجود مظاهر للتعذيب و للتأكد من وجود الإمكانيات و اللوازم الأساسية لحياة السجين.

‌ب. يتعين على طبيب مصلحة الطب الشرعي كذلك فحص سجل المتوفى الصحي و مراجعة أوراق علاجه و الفحوصات التي أجريت له قبل وفاته، و معرفة الظروف المحيطة بتلك الوفاة.

‌ج. الدلائل الطبية الشرعية في الوفاة:

1-الدلائل الخارجية (الظاهرية)

أ‌. لون الجلد و الشفتين و الأذنين و رؤوس الأصابع (الأظافر).

ب‌. تغيرات ما بعد الوفاة (التغيرات الرّمية).

ت‌. الآثار المادية تحت الأظافر: خصوصا إذا ما صوحبت الوفاة بالعنف، و بالتالي يجب ألا يفوت الطبيب الشرعي و سلطات التحقيق فحص أظافر المتوفى وما تحتها بحثا عن جزء من بشرة جلد أو دماء أو قماش أو شعر وغيره تخص المعتدي ويمكن أن تساعد في إثبات أو نفي حدوث اعتداء عليه قبل وفاته.

ث‌. الإصابات الموضعية الظاهرة و التي قد تدل على تعرض المتوفى للعنف قبل وفاته.


2-الدلائل الداخلية (التشريحية):

أ‌. تغيرات الأحشاء الداخلية: وقد ذكر تقرير مصلحة الطب الشرعي وجود احتقان بالسحايا و الرئتين والغشاء المبطن للمعدة مع المظهر اليرقاني للكبد(!) و التغيرات الباثولوجية الكلوية المذكورة بالصفة التشريحية للمتوفى المذكور.

ب‌. لون و درجة الرسوب الدموي في الأحشاء الداخلية.

ت‌. تغيرات القلب و الأوعية الدموية: كتضخم القلب و الترسبات الدهنية و تصلب و ضيق الشرايين التاجية، و وجود مناطق احتشاء قلبي (موت جزء من عضلة القلب بسبب نقص الأكسجين).

ث‌. الإصابات الموضعية الداخلية التي قد تدل أيضا على تعرض المتوفى للعنف قبل وفاته.

‌د. الفحوصات المعملية للعينات المأخوذة من الجثة:

1-الفحص المجهري (الميكروسكوبي) للأنسجة:

من المتفق عليه علميا انه يتحتم عند تشريح أية جثة في القضايا الجنائية أن يأخذ الطبيب الشرعي عينات حشوية من الأعضاء الداخلية للجثة و يرسلها إلى المعمل الباثولوجي لفحصها مجهرياً للبحث عن التغيرات الباثولوجية النسيجية وذلك لتأكيد سبب الوفاة المتوصل إليه بالكشف الظاهري و الصفة التشريحية من ناحية، و لاستبعاد وجود مرض طبيعي ذاتي قد يكون سببا أساسيا أو عاملا مساعدا على حدوث الوفاة من ناحية أخرى وهو ما قد يغير توصيف الواقعة من الأساس؛ بل لقد أوصى العديد من الجهات العلمية و القانونية في العالم بأن يكون الفحص المعملي الباثولوجي للأنسجة المأخوذة من المتوفى جزءا أساسيا في تشريح كل الجثث، و أن يشمل ذلك على الأقل عينات مأخوذة من القلب و الرئتين و الكليتين و الكبد و الطحال و البنكرياس و الغدة الدرقية والغدتين الكظريتين (فوق الكلويتين) والعضلات و المخ و السحايا.

من الصعب إثبات السبب الحقيقي للوفاة بالاعتماد على فحوصات قبل الوفاة و الفحص الظاهري والعين المجردة فقط، فعلى سبيل المثال أثبتت الأبحاث أن الاحتشاء القلبي يكون واضحا في 13,5% فقط من حالات الوفاة المنسوبة إلى قصور الدورة التاجية، و وجود انسداد في الشرايين التاجية بنسبة كبيرة لا يعني أن ذلك هو سبب الوفاة، و بناء على ذلك قرر العلماء انه لابد – إلى جانب الفحص الظاهري – من اللجوء إلى الفحص المجهري للأنسجة باستخدام تقنيات متعددة، والتي لا تشخص فقط وجود التغير المرضي بل و تحدد زمن حدوثه بقدر كبير من الدقة. وتشمل هذه التقنيات:

أ‌. الفحص المجهري العادي باستخدام صبغة HE

ب‌. الفحص النسيجي الكيميائي

ت‌. الفحص النسيجي الكيميائي للإنزيمات

ث‌. الفحص النسيجي الكيميائي المناعي

ج‌. الفحص الفلوري

2-مسح السموم: و تكمن أهمية إجراء هذا البحث في الكشف عن الأدوية و المخدرات التي قد تتسبب في الموت، و بالتالي لا بد من التحصل على عينات نسيجية و عينات من الدم و البول و محتويات الجهاز الهضمي لتحليلها.

3-التحليل البكتيري: و يجرى لعينات من الأنسجة و الدم و البول و البراز و إفرازات الرئتين، حيث يمكن الكشف عن عدوى معينة تكون سببا أو عاملا مساعدا في حدوث الوفاة.

4-فحص أمراض الدم.

5-الفحص المناعي.

6-تحليل كيمياء الدم والسائل الزجاجي والسائل الشوكي و البول: ويعني ذلك قياس تركيز الأملاح والإنزيمات ونواتج الأيض والتي يمكن أن تعطي فكرة واضحة عن حالة الجسم واضطراباته قبيل الوفاة، فمثلا:

أ‌. إذا كان مستوى الصوديوم في السائل الزجاجي للعين في أي وقت بعد الوفاة أكثر من 155 مليمول/لتر و الكلور أكثر من 135 مليمول/لتر و البولينا أكثر من 40 مليمول/لتر يكون المتوفى قد عانى من الجفاف قبل موته.

ب‌. إذا زاد مستوى البولينا في السائل الزجاجي عن 150 مليمول/لتر في أي وقت بعد الوفاة يشخص الفشل الكلوي.

ت‌. إذا زادت نسبة الجلوكوز في السائل الزجاجي عن 11,1 مليمول/لتر في أي وقت بعد الوفاة يشخص مرض البول السكري، في حين إذا قلت النسبة عن 1,4 مليمول/لتر يشخص هبوط السكر قبل الوفاة عن مستوياته الطبيعية.

ث‌. وجود نسبة عالية من البيليروبين في الدم بعد الوفاة تشخص وجود يرقان قبلها. و كذلك فإن ارتفاع مستوى البيليروبين في الدم و مستوى مادة اليروبيلينوجين (نواتج أيض البيليروبين) في البول و انخفاض نسبة بروتينات البلازما و انخفاض الزلال في الدم كلها تشخص وجود تدهور عنيف في الكبد قبل الوفاة. بل إن وجود نسب مرتفعة من مادة الجلوتامين في السائل النخاعي بعد الوفاة تتفق مع حدوث غيبوبة كبدية للمتوفى قبيل موته.


المصادر:

- Hirsch CS and Adams VI (1993): Sudden and Unexpected Death from Natural Causes in Adults. In: Medicolegal Investigations of Death, edited by Spitz WU, 3rd edition. Charles C Thomas Publisher, Springfield. pp 137-174

- Saukko P and Knight B (2004): The Forensic Autopsy. In: Knight’s Forensic Pathology, 3rd edition. Arnold, London. pp 1-51

- Saukko P and Knight B (2004): The Pathophysiology of Death. In: Knight’s Forensic Pathology, 3rd edition. Arnold, London. pp 52-97

- Saukko P and Knight B (2004): Abuse of Human Rights: Deaths in Custody. In: Knight’s Forensic Pathology, 3rd edition. Arnold, London. pp 301-311

- Saukko P and Knight B (2004): The Pathology of Sudden Death. In: Knight’s Forensic Pathology, 3rd edition. Arnold, London. pp 492-526

- Finkbeiner WE, Ursell PC, and Davis RL (2009): Supplemental Laboratory Studies. In: Autopsy Pathology: a Manual and Atlas, 2nd edition. Saunders Elsevier, Philadelphia. pp 116-117.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق