الأربعاء، 23 فبراير 2011

أخلاق الملائكة لا تجوز

بقلم د. درية شرف الدين ٢٢/ ٢/ ٢٠١١

دهشة لا تنقطع ولا تنتهى، وتزداد كل يوم تجاه هذا الكم الهائل من المخالفات المالية والإدارية للعديد من رموز العهد السابق، والكثير منها يصل إلى حد الجريمة والخيانة حتى بات الكثيرون يتساءلون: هل كنا فعلا نعيش وسط هذا الجو الموبوء بالخطأ والخطايا؟

وكيف استطعنا مواصلة الحياة سنوات وراء سنوات ونحن نُنهب ونُسلب ونُظلم ونتألم ونعجز عن المواجهة؟

هل كان كل من يرفع صوته- فى حدود– ومن يكتب ويرفض ويطلب يد العون على مواجهة الفساد، ويستصرخ السلطات، ويقدم المستندات والشواهد، كمن يصرخ فى البرية لا أحد يسمع ولا أحد ينوى المواجهة أو الحساب، حتى استفحل الأمر وخضعت مصر لحالة من مص الدماء الدائم والمنتظم لكل ثرواتها تحت الأرض وفوق الأرض،

والناتج عشرات ثم مئات الدراكولات– نسبة إلى دراكولا مصاص الدماء– الذين تضخمت مطامعهم وغنائمهم، التى كشفت عنها التحقيقات الآن حتى بات رقم المليار هو سيد الموقف، وهو العملة العادية المتداولة بين الكبار مع أنه يساوى ألف مليون جنيه مما دفع البعض للتساؤل فى سخرية، ماذا سيفعل أصحاب المليارات بكل هذه الثروة وفى أى الأوجه سيصرفونها؟

ولماذا لم يتوقفوا بعد المليار الأول على اعتبار أنه كفاية جداً، لكن يبدو أن جشع المال لا حد له ولا نهاية فما بالك إذا ما تزاوج المال مع السلطة مع المنصب مع القرب من البيت الملكى.

البعض يؤكد أن مصر دولة غنية وليست فقيرة كما كان يتردد، بدليل أنها رغم كل هذه السرقات مازالت تعيش، ومازال أبناؤها رغم الفقر يجدون ما يأكلون، وأتذكر ردود بعض المسؤولين السابقين عندما كانوا يواجهون الاعتصامات التى يبيت أصحابها على أرصفة مجلسى الشعب والشورى،

وعندما كانوا يواجهون تظاهرات العمال وبسطاء المواطنين الذين يطلبون زيادة الرواتب بأربعين وخمسين ومائة جنيه شهريا، وكان الرد دائماً من أين نأتى بهذه الزيادة، نحن دولة فقيرة ومواردنا محدودة لسنا دول الخليج، مفيش فلوس، وكان الناس يصدقون ويصمتون ويتألمون فى صمت بينما يستمر مسلسل النهب للأموال والأراضى والوظائف والمناصب والعطايا لصالح قلة مندسة بالفعل اندست بين جوانب البلاد سنوات طويلة تنهب خيراتها وتستولى على مواردها.

الآن السؤال: هل نمسك بقضايا الفساد والسرقة حتى نسترد كل أو بعض ما ضاع منا، وحتى يكون الماضى عبرة لما هو قادم؟ أم نطوى صفحة الماضى ونتفرغ لبناء مستقبل لشعب ووطن، كاد أن يضيع منا لولا شباب الخامس والعشرين من يناير؟

والإجابة: ولماذا لا نمسك بالاثنين معاً، يد تقبض وتحاسب ويد تشيد وتبنى، لماذا هذا فقط أو ذاك فقط والإجابة بعد الاستعانة بكل الأصدقاء وليس بصديق واحد هى: خطأ أن ننسى ونغفر أو نتحلى بأخلاق الملائكة فى مواجهة من اختاروا أن يكونوا شياطين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق