الأحد، 9 ديسمبر 2012

عن الدستور والخابور...نتحدث - إيهاب زعقوق

ملحوظة: هذه ليست قراءة فقيه دستوري ولم أراعي في قراءتي جميع المصطلحات اللغوية الدستورية، هي قراءة عامة لما نصت عليه المواد وتكفله في المجمل

بعد قراءة دستور مصر 1882 ومصر 1923 ومصر 1930 ومصر 1971 ومشروع دستور 2012 ودستور الولايات المتحدة الأمريكية ودستور فرنسا ودستور ألمانيا واكتشاف أن بريطانيا ملهاش دستور وان إسرائيل كمان ملهاش دستور، أحب أقول حاجة واحدة الدولة المحترمة المتقدمة مش محتاجة دستور محترم وأحياناً ممكن ماتحتاجش لدستور أصلاً وأحياناً ممكن تحتاج دستور تفصيلي جداً، ومفيش حاجة اسمها الدستور لازم يبقى مختصر أو الدستور لازم يبقى مفصل، الدستور هو أبو القوانين وهو المكان اللي بيتكتب فيه ما لا يُراد المساس به

هاتكلم عن كل دستور في أبرز حاجة فيه:
-دستور 1882: كان دستور الغرض منه تنظيم السلطة التشريعية في مصر بشكل أساسي وده كان بعد هوجة عرابي والسلطة التشريعية في الدستور ده كانت مشتركة ما بين مجلس النواب ومجلس النظار(الوزراء) واتلغى سنة 1883 وكان مكون من 53 مادة ولم يكن يحتوي على أي مواد للحريات وحقوق المواطنين وواجباتهم

-دستور 1923: اتكتب بأمر من الملك فؤاد بتكليف الحكومة بتشكيل لجنة وضع دستور، وكان أول دستور مصري بيتكلم عن الحقوق والحريات وأعطى المواطنين حق الاعتقاد والتقاضي والتعليم وحرية التعليم ونظم القبض على المواطنين وتقييد حريتهم وتنظيم طبعاً السلطة التشريعية وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والقضائية وكان في حاجة لطيفة جداً ان الدستور كان محدد نائب عن كل 30000 مواطن في مجلس النواب وشيخ عن كل 60000 في مجلس الشيوخ

-دستور 1930: صدر بعد إلغاء دستور 1923 وفي عهد الملك فؤاد بردو، مختلفش كتير عن اللي قبله الملك بس زود صلاحياته زي ولو ماوفقش على قانون ومجلسي النواب والشيوخ وافقا عليه يعتبر لاغي وسواء في دستور 1923 أو 1930 كان للملك حق حل مجلس النواب

-دستور 1971:اتكتب في عهد السادات، وكان في بدايه بينص على إن مصر دولة اشتراكية ديمقراطية وبعدين اتعدل الكلام ده واتشالت اشتراكية طبعاً واتعدل ثلاث مرات  وآخر تعديل طبعاً بتاع المادة 76 الشهيرة واتفصل عشان التوريث ولو كان الدستور ده كمل لغاية 2011 وماقامتش الثورة كان زمان رئيسنا دلوقتي جمال مبارك، المهم الدستور من ناحية الحقوق والحريات والمقومات الاقتصادية والاجتماعية كان دستور جيد جداً بس طبعاً من ناحية تنظيم السلطات كانت السلطة التنفيذية طاغية على السلطتين التانيين وكان مخلي رئيس الجمهورية إله يُسبح بحمده

-دستور الولايات المتحدة: اتكتب سنة 1787 واتعدل فيه 23 مرة أول 10 تعديلات فيهم كانت سنة 1789 بعد سنتين من كتابته وهو في المجمل دستور مختصر جداً وبيبدأ بتنظيم السلطة التشريعية متمثلة في الكونغرس مجلس نواب ومجلس شيوخ ومفصل كيفية انتخابهم ومحدد نائب لكل 30000 مواطن وشيخين لكل ولاية ومحدد كيفية إصدار القوانين واختصاصات الكونغرس بالتفصيل ماكانش بينص على أي حقوق للمواطنين غير أنهم كلهم سواء أمام القانون وكان بينظم كيفية محاكمتهم ما بين الولايات المختلفة وطبعاً كان بينظم السلطة القضائية وعلى فكرة الكونغرس في أمريكا سيد قراره، بعد سنتين من إقرار الدستور قدم الكونغرس اقتراح بعشر تعديلات في الدستور اتسمت بلائحة الحقوق وكانت بتتكلم عن حرية الدين وانه محظور إقامة دين من قبل الدولة أو إجبار الناس على دين معين ونظمت التقاضي والقبض على المواطنين ومحاكمتهم وبعد كده فضل يتعدل مرة لإلغاء الرق ومرة لإلغاء التمييز ضد السود ومرة لإلغاء التمييز ضد المرأة في حق الانتخاب ومرة لحقوق الانتخابات ومرة عشان عدد سنين حكم الرئيس ومرة لإلغاء الخمور وتحريمها ومرة للسماح بالخمور وهكذا بقى، الجميل في الأمر أن الدستور الأمريكي لا ينص على حقوق المرأة ولكن أمريكا فيها قوانين لحماية المرأة ضد العنف الجسدي والجنسي والتحرش والاغتصاب وكذلك الأطفال لم يمنع الدستور عمل أطفال ولا العنف ضدهم لكن في أمريكا الطفل ممكن يسجن أهله إذا اتعرضوله ولم ينص الدستور الأمريكي كمان على نظام رعاية صحية للمواطن لكن أمريكا فيها نظام تأمين صحي قوي جداً

-دستور فرنسا 1958: دستور مفصل جداً لدرجة الملل والزهق بيتكلم في الأول عن نظام الحكم والدولة ولون العلم  والنشيد وشعار الدولة وبعدين بيتكلم بالتفصيل عن تنظيم السلطات لدرجة انه يعتبر ذاكر لقانون الانتخابات سواء النيابي أو الرئاسي بالتفصيل الممل فمثلاً اتكلم عن حالة وفاة المرشح وإيه اللي يحصل ومين اللي بيدير الانتخابات وكيفية إدارتها وكلام كتير

-دستور ألمانيا 1949: اتكتب طبعاً بعد الحرب العالمية الثانية وهو كمان دستور تفصيلي جداً جداً جداً في كل أجزائه سواء نظام الدولة والحريات والحقوق والسلطات والعلاقات الخارجية والاتحاد الأوروبي وطبعاً الدفاع والحرب وكل ده طبعاً ليه سبب لأن الألمان كان عليهم رقابة وهما بيكتبوا دستورهم بعد الحرب لمنع ظهور هتلر جديد او حزب نازي جديد فكان دستور تفصيلي جداً عشان ميحصلش أي تلاعب لدرجة إن الدستور بنظم هيئة السكك الحديدية وهيئة البريد والمراسلات الألمانية

-إسرائيل: إسرائيل معندهاش دستور لأنها بتعتبر نفسها دولة غير مكتملة نظراً لأن اليهود مازالوا يهاجرون إليها حتى الآن وتمت قبل كده محاولات لكتابة دستور لكن كانت بتقابل برفض من الحاخامات لأن الدستور يخالف تعاليم الدين اليهودي وهيحول الدولة إلى دولة علمانية وهيقسم البلد نصفين علمانيين ومتدينين

-مشروع دستور مصر 2012: نفس أبواب ومواد دستور 1971 لكن مع بعض الإضافات والزيادات لبعض المواد وطبعاً التعديلات الرهيبة والموازنة بين السلطات الثلاثة، في المجمل عند قراءته هو دستور جيد هو ليس الأحسن وليس سيء على الإطلاق، الخلاف حوله هو خلاف سياسي بحت وليس خلافاً قانونياً دستورياً، هو ليس دستوراً لجماعة معينة ولكنه كُتِبَ بواسطة جماعة معينة، لم أر له حتى الآن نقداً قاطعاً يجعلني أرفضه جملة

نهاية القول، ليس المهم كتابة الدستور ولكن الأهم الرغبة في تطبيق ذلك الدستور وهذه الرغبة لن تأتي إلا بتوافق ولكني أنصح مخالفي هذا الدستور بقراءته أولاً ، فمن الممكن بقراءتكم له أن توفروا المزيد من الوقت والجهد لأننا لا نحتمل مزيداً من إهدار الوقت والدماء في سبيل ظهور هذا الدستور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق