الخميس، 5 أبريل 2012

إعادة إنتاج الديكتاتور - أحمد الصاوي

الشروق 4/4/2012

عندما تشاهد المرشح الرئاسى عبدالمنعم أبوالفتوح فى حديقة الأزهر وسط نخبة مصرية متنوعة ومتباينة فى اتجاهاتها وقناعاتها وأديانها ومظهرها، وتشاهد المرشح الرئاسى خيرت الشاطر وسط أعضاء مجلس شورى جماعة الإخوان أو بين أعضاء مكتب الإرشاد، أو بين بعض رموز السلفيين، ربما تدرك فارقا جوهريا بين الرجلين اللذين خرجا من ذات الرحم.

أيضا عندما تبحث فى أرشيف الرجلين، ستجد من النوادر القليلة جدا أن تجد للشاطر صورة مع «الآخر» سواء كان هذا الآخر سياسيا من أطياف وتيارات سياسية أخرى، أو دينيا، أو حتى ثقافيا، فيما كان أبوالفتوح طوال تاريخه منذ غادر مرحلة المواجهات الحماسية الطلابية فى الجامعات، جسرا متواصلا مع الجميع حتى لو بحكم ممارسة العمل التطوعى والسياسى المرهون بتوافق تيارات مختلفة.

خيرت الشاطر إذن هو ابن التنظيم ورجله، لكن أبو الفتوح هو ابن المشروع، والفارق بين التنظيم والمشروع كبير، لأن الأول جهاز مؤسسى احتكارى وديكتاتورى بطبعه، وبفعل تكوينه فى مرحلة الحظر والسرية، لكن المشروع فكرة عابرة للتنظيمات والأيديولوجيات تهتم بالمقاصد قبل أن تهتم بغيره.

هذا مجرد تحليل فلا تبحث فى هذه السطور عن انحياز لأحد أو حسم لكاتب هذه السطور لاختياراته الشخصية، فالشاطر مشروع رئيس لتنظيم، لكن أبو الفتوح مشروع رئيس لوطن، والفارق أن الثانى جرى اختباره داخل المجتمع العام بمكوناته، فيما عاش الأول عمره كله ممثلا لجناح أكثر هيمنة داخل تنظيم محكم، لا يكترث كثيرا بالآخر، يبحث عنه كتابع وليس شريكا فيما تحركه ثقافة أنه الأرشد والأصدق، ومن سواه إما مغرضون أو قليلو الفهم.

بين مرشحى الرئاسة من يحمل «جينات» الديكتاتور، وبينهم من يحمل «جينات» الرئيس الذى من الممكن مقاومة ديكتاتوريته إن ظهرت، ومدرسة التنظيم داخل جماعة الإخوان المسلمين لا يمكن أن تنتج إلا ديكتاتورا بامتياز، وهى ديكتاتورية تمسك فى يديها بالعهد «البيعة على السمع والطاعة»، والتمويل «حسابات التنظيم واستثماراته» لذلك تنعكس هذه الثقافة على أداء الأغلبية فى تعاملها مع المجتمع وشركائها السياسيين، كما يظهر من التباين فى الخطاب بين «غزلان» على سبيل المثال، ومحمد البلتاجى، فأبناء التنظيم صداميون لا يقبلون الاختلاف ويهاجمونه، أما أبناء المشروع فأكثر قدرة على الانفتاح والتواصل.

أعود بك إلى مشهد حديقة الأزهر، فالمؤكد أن أبو الفتوح تخفف من عبء التنظيم والتصنيف، لذا تبدو حركته أكثر مرونة وحيوية وأكثر قدرة على التعبير عن قطاع كبير من مكونات المجتمع، وهو تعبير ينطلق من مساحة أقرب لـ«يسار الوسط المحافظ» ليصل إلى كل الخريطة السياسية والاجتماعية والدينية حتى لو بنسب استقطاب متفاوتة، بمعنى أنه فكرة تروج نفسها، وهذا الشكل من الأفكار غير متوافر لدى مرشحين آخرين باستثناء حمدين صباحى وخالد على، أما الآخرون فهم مجرد أشخاص ذوى شهرة قرروا خوض المنافسة وتم بناء برنامج أو مشروع عليهم وليس العكس، أو تنظيم دفع بأحد أبنائه ليكون مرشحها يخص التنظيم ولا يخص أحدا خارجه، وهو شكل من أشكال إعادة إنتاج الاستبداد، لكنه هذه المرة استبداد بملامح خيرت الشاطر، وبديكتاتورية التنظيم، وبذات أنماط التفكير المنحازة إلى رأس المال ورجال الأعمال.

http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=03042012&id=91733cec-e3da-485a-83c4-520722dbbc1a

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق