الأحد، 4 نوفمبر 2012

دروس من انتخابات الكنيسة المصرية - أيمن زعقوق

اليوم أهنيء المصريين جميعا بانتخاب بابا الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية، وأتمنى أن يوفقه الله لما فيه صالح شعب مصر، وان يجعل عهده عهد ازدهار ومساواة حقيقية وعدالة كاملة و وحدة صلبة لاتضام. واسجل هنا امتناني وانبهاري بهذا الرمز المعتدل المتسامح النزيه: الأنبا العظيم باخوميوس الذي تحمل العبء في وقت عصيب من تاريخ الكنيسة المصرية وتاريخ مصر.
وفيما يلي بعض الدروس التي استخلصتها كمواطن مصري تابع عن بعد عملية انتخاب بابا الكنيسة المصرية العريقة:
1-      الشفافية والوضوح أساس أي عملية ديمقراطية ناجحة. فرغم ما نعلمه من أن رجل الدين المسيحي شيء من القدسية في عقيدة الإنسان المسيحي، فقد صممت القيادة المؤقتة للكنيسة المصرية على إجراء العملية الانتخابية بمنتهى الشفافية والوضوح وبما لا يدع مجالا للتشكيك، ولم تجر الانتخابات في غرف مغلقة بحجة أن القائمين عليها أنزه من أن يكونوا موضع شكيك أو تخوين (وهم بالفعل نزيهون شرفاء).
2-      الاعتدال. الشعب المصري شعب معتدل ويكره التشدد و التطرف، كما ينفر من التشاحن والتناحر، يظهر ذلك جليا في اختيار المسيحيين المصريين لقيادتهم الروحية، فقد كانت القيادة المؤقتة للكنيسة (نيافة الأنبا باخوميوس) والناخبون والرأي العام المسيحي تدفع باتجاه المرشحين المعتدلين وتستبعد المعروفين بالتشدد والتعصب. ولا اعتقد أن عموم مسلمي هذا الشعب اقل تسامحا أو اعتدالا من مسيحييه، ولا اعتقد أن مسيحيا أو مسلما يمكن أن يضع جنبه مطمئنا مرتاح البال وقيادته الروحية تزكي نار التعصب وتشحذ خناجر التطرف.
3-      الالتزام بالقانون. فرغم أني أعلم أن الكثير من المسيحيين غير راضين بالكامل عن لائحة 57 التي جرى انتخاب البابا وفقها، الا انهم التزموا تماما بها وتقبلوا ما أسفرت عنه. ويمكنني أن أخمن أن سبب هذا القبول قد يكون ثقتهم في القائمين على العملية الانتخابية واطمئنانهم إلى أن القانون سيطبق بنزاهة وعلى الجميع، فلم نشهد مظاهرات أو فوضى أو اعتراضات كتلك المنتشرة في أرجاء وطننا هذه الأيام، والتي يمكن تعليلها بفقدان الثقة والإحساس بالظلم والتحيز.
4-      دور الدولة. إذا أردنا – فعلا لا قولا – أن تخرج القيادات الدينية على الجانبين من المشهد السياسي، فعلى لجنة وضع الدستور والرئيس وحكومته والبرلمان المقبل أن يتكاتفوا جميعا لإرساء العدالة والمساواة والقضاء على جميع صور التمييز بين المسلمين والمسيحيين، حينئذٍ لن يجد المسجد أو الكنيسة ما يدعو للتدخل والدفاع عن حقوق أبناء الديانة. فكيف للبابا الجديد – مهما كان معتدلا ومتسامحا – أن يسكت حيال ما قد يتعرض له بعض أفراد شعبه وأبنائه من ظلم بسبب ديانتهم من بعض المشوهين أو المختلين إذا غاب دور الدولة العادلة، التي لا ترى في مواطنيها إلا مواطنتهم دون النظر لدينهم أو جنسهم أو لونهم!
هل من دروس أخرى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق