الاثنين، 25 يونيو 2012

رئيس مدني لمصر..أخيرا

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. كنت بالأمس متواجدا في ميدان التحرير وقت إعلان فوز مرسي بالرئاسة، بالطبع كانت لحظة لاتنسى، كان الميدان بآلافه المحتشدة وقت تلاوة بيان لجنة الانتخابات مترقبا و صامتا كأن على رؤوسهم الطير، لينفجر فجأة فرحٌ جماعيٌ وتقافزٌ وسجودٌ وبكاءٌ وتكبيرٌ وتهليلٌ وحمدٌ وأهازيج ورقصٌ عند إعلان حصول شفيق على 48% من الأصوات .. ووجدت الأحضان والقبلات والدموع تنهال عليّ ممن عرفت ومن لم أعرف، وأُطلقت الألعاب النارية في وضح النهار ثم بدأت السماء تمطر حلوى و مشروبات ومياه مثلجة للجميع من الجميع، يا إلهي ما أعذب هذه الروح، ما أدفأ هذه اللحظات الخالدة.

صديقي – رفيق – الذي كان معي بالميدان أشار لي أن أتبعه (حيث إننا لم نكن قادرين على سماع بعضنا لشدة صخب الاحتفال) لنسلم على شخص ما، فوجدت شابا في أواخر العشرينيات يغطي عينه اليسرى بعصابة جلدية سوداء، والناس متحلقون حوله يفعلون شيئا واحدا بنفس الطريقة: يحتضنونه ثم يقبلون رأسه مباركين وشاكرين، وعندما سألت صاحبي عن السبب أخبرني أنه من مصابي الثورة، ففعلت مثلما فعلوا ووجدته يبكي بحرارة يرتج لها جسده الهزيل شاكرا وحامدا، قلت له أنت عريسنا اليوم .. أنت رئيسنا و ملهمنا فإذا بمن حولي يرددون بما قلت.

بعد انكسار الحرارة وقبيل المغرب انفتحت شلالات البشر على الميدان، حتى لم يعد هناك موطئ لقدم، وامتد الاحتفال إلى أنفاق المترو في محطة أنور السادات، الكل يحتفل من الجنسين ومن كل الأعمار، ورغم الزحام غير المسبوق والتدافع الضاغط لم أسمع تذمرا أو مشادة أو غضبا، روح الفرح والبهجة تغمر الجميع. ربنا ولك الحمد.

وبعد أن تذهب السكرة و تأتي الفكرة يبقى أن أذكّر الرئيس الجديد وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها ببعض النقاط:
1-     الفرحة العارمة التي عمّت الكثير من البيوت والشوارع والميادين لم يكن سببها بالدرجة الأولى نجاح محمد مرسي، وإنما خروج منصب الرئيس من قبضة العسكر المستبدة، وانتصار وعي الشعب ورغبته في التغيير و وفائه لشهداء ثورته ومصابيها على نظام مبارك القابض على مفاصل الدولة وجيشها وقضائها وإعلامها، وعلى المنتفعين من رجال الأعمال وأصحاب المصالح وملاك الإعلام الخاص والمنقلبين على الثورة الذين ملأوا الدنيا عويلا وصراخا تخويفا من الدولة الدينية المزعومة، وحاولوا إقناع الناس أن الاستبداد العسكري خير لهم وانفع، مستغلين في ذلك أخطاءً حقيقية وفادحةً وقع فيها ممثلو التيار الديني بعد دخولهم البرلمان!
2-     الكتلة التصويتية الحقيقية للإخوان المسلمين ظهرت في المرحلة الأولى لانتخابات الرئاسة، وكانت في حدود 5,6 مليون ناخب، تمثل المنتمين للجماعة والمخلصين لها، الذين سيؤيدونها مهما ارتكبت من أخطاء وخطايا، أما الملايين الثمانية التي أضيفت لمرسي في جولة الإعادة وتسببت في تفوقه على منافسه ووصوله لكرسي الرئاسة فكانت من خارج المنتمين للإخوان من الكتل الثورية الأخرى ومن عموم الرافضين لعودة النظام المستبد السابق، وأغلبهم – وأنا منهم – لم يصوتوا لمرسي حبا له أو اقتناعا ببرنامجه، وإنما حرصا على التخلص من الحكم العسكري ونظامه الفاسد.
3-     لم ألحظ أي تواجد مسيحي في ميدان التحرير أثناء الاحتفال بخروج شفيق ونجاح مرسي.
4-     بدأ الإعلام نقدا مكثفا – موضوعيا وغير موضوعي – لخطاب مرسي الرسمي الأول بعد إعلان النتيجة، رغم محاولة الرئيس الواضحة لطمأنة الجميع ولم شمل الفرقاء.

كل هذه الملاحظات تستوجب من الرئيس الجديد والإخوان المسلمين أن يكونوا أكثر حنكة وذكاءً وانفتاحا على باقي القوى الوطنية، وان يبنوا قراراتهم على التوافق لا الاستقواء، كما يتوجب عليهم الوفاء بماقطعوه من وعود سياسية في الفترة السابقة على إعلان النتيجة، وان يتجنبوا الوقوع في أخطاء مثل تلك التي ارتكبوها في الشهور القليلة الفائتة، و عليهم أن يدركوا أنهم بمفردهم غير قادرين على تحقيق أي تقدم أو نجاح.

الشعب المصري غير مستعد لخيبة أمل أخرى.

هناك 3 تعليقات:

  1. نزلت بعد العصر علشان اعرف احتفل لو كنت سمعتها في الميدان كان هيغمي عليا من التوتر
    الضغط علي محمد مرسي شيء متوقع ولكن يجب ان نكون موضوعيين خصوصا ان الملفات صعبه جدا والتحديات والاسافيين من الدوله العميقه حتلاعبه جامد
    الف مبروك يا ابو الزعاقيق كلها :)

    ردحذف
  2. ههههههههههههههههه..حلوة ابو الزعاقيق دي :)

    ردحذف