٢٥/ ١١/ ٢٠٠٩
رحم الله المفكر الراحل الدكتور زكى نجيب محمود، الذى عبر ذات مرة عن ضيقه الشديد من تاريخنا الفرعونى، وتمنى أن نصحو على زلزال يدمر الأهرامات وأبا الهول والمعابد الفرعونية، حتى يلتفت المصريون إلى حاضرهم ومستقبلهم، ويتوقفوا عن تعويض فقرهم المادى والروحى بالمغالاة فى استعادة أمجاد ماض سحيق لم نعد نملك شيئاً من جدارة الانتساب إليه.
شىء من هذا الضيق تملكنى وأنا أتابع الكثير من البرامج التليفزيونية فى القنوات المصرية الرسمية والمستقلة، التى ناقشت أحداث المواجهة الكروية بين منتخبى مصر والجزائر قبل وأثناء وبعد مباراتى القاهرة وأم درمان. وهى مواجهة انتهت - بفضل الاستعمال السياسى اللئيم للإعلام الجهول والمأجور فى البلدين - إلى كراهية مقيتة بين شعبين شقيقين يعيشان ظرفاً سياسياً واقتصادياً مفجعاً.
نعم، هناك عشرات الأدلة على ضلوع النظام السياسى الجزائرى ونظيره المصرى فى استخدام مباراة كرة قدم لإلهاء جماهير البلدين عن حقوقها المهدرة، وتفريغ طاقة الغضب هنا وهناك فى معركة رثة ومتخلفة يتاح فيها لهذه الشعوب المهانة استحضار مشاعر العزة والكرامة والريادة واستهلاكها فى مواجهة «عدو» لن يكلفنا عداءه أكثر من إهانة عدد من المواطنين المصريين فى الجزائر، وإهانة عدد من الجزائريين فى مصر.
إن استحضار مشاعر العزة والكرامة الوطنية وحشدها فى معركة آمنة وتافهة، هى حيلة خسيسة ومكشوفة تلجأ إليها النظم السياسية العاجزة دولياً والمستبدة والفاسدة محلياً، وفى الليلة ذاتها التى شهدت فيها أم درمان اعتداءً وحشياً من بعض الجزائريين على المصريين، كان العالم كله يطالع التقرير السنوى الذى أصدرته منظمة الشفافية الدولية عن آليات مكافحة الفساد فى ١٢٦ دولة شملها التقرير، وقد احتلت مصر والجزائر المركز ١١١ مكرر، وهو مركز يشير إلى توغل الفساد المنظم فى البلدين، وإلى ضلوع النخبة المسيطرة سياسياً واقتصادياً فى جرائم السطو على المال العام، واحتكار التجارة وسرقة الموارد والثروات الطبيعية، ونهب أموال البنوك العامة وممارسة الغش والتدليس فى المناقصات والمزايدات لصالح رجال الأعمال الطفيليين الذين ساهموا ببعض أموالهم المسروقة فى تمويل الجسر الجوى الذى نقل جماهير البلدين إلى أم درمان.
هنا فى مصر تعصف البطالة والفقر وانهيار الخدمات بالمواطنين.. ويتحول مجلس الشعب عاماً بعد آخر إلى مجرد مكتب لتسجيل القوانين التى تخدم مصالح التجار والسماسرة وأصحاب التوكيلات الأجنبية.. وهناك فى الجزائر إقطاع عسكرى متوحش يستخدم الميليشيات المسعورة فى سفك الدماء وإشاعة الرعب ويستعمل الآلة الإعلامية فى دق طبول معارك آمنة تستنزف طاقة الغضب وتصرف الشعب الجزائرى المطعون عن الالتفات لثرواته التى اختطفها الإقطاع العسكرى.
هنا وهناك، لا أثر على الإطلاق لأمجاد تاريخية أو حضارية، ولا أثر على الإطلاق لكرامة راهنة، لا شىء هنا وهناك غير جامعات خربة ومناهج تعليم رثة وشوارع غارقة فى المجارى وحقول تدهورت خصوبتها ومصانع صدئت آلاتها، وأعواد ثقاب مستوردة من الصين يشعل بها الشباب سجائر محشوة بالحشيش والبانجو..
وهنا وهناك مواطن يحطمه نظام سياسى فاسد بالنهار، فيعود إلى بيته فى المساء ليضرب أطفاله وزوجته أو يشحن حطامه فى طائرة إلى أم درمان ليفرغ غضبه وإحباطه فى الاعتداء على نظيره العربى المهان مثله.. فمتى يستدير هذا الغضب إلى الوحش السياسى اللئيم ويفتدى كرامة الشعوب والأوطان من بين أنيابه؟!
رحم الله المفكر الراحل الدكتور زكى نجيب محمود، الذى عبر ذات مرة عن ضيقه الشديد من تاريخنا الفرعونى، وتمنى أن نصحو على زلزال يدمر الأهرامات وأبا الهول والمعابد الفرعونية، حتى يلتفت المصريون إلى حاضرهم ومستقبلهم، ويتوقفوا عن تعويض فقرهم المادى والروحى بالمغالاة فى استعادة أمجاد ماض سحيق لم نعد نملك شيئاً من جدارة الانتساب إليه.
شىء من هذا الضيق تملكنى وأنا أتابع الكثير من البرامج التليفزيونية فى القنوات المصرية الرسمية والمستقلة، التى ناقشت أحداث المواجهة الكروية بين منتخبى مصر والجزائر قبل وأثناء وبعد مباراتى القاهرة وأم درمان. وهى مواجهة انتهت - بفضل الاستعمال السياسى اللئيم للإعلام الجهول والمأجور فى البلدين - إلى كراهية مقيتة بين شعبين شقيقين يعيشان ظرفاً سياسياً واقتصادياً مفجعاً.
نعم، هناك عشرات الأدلة على ضلوع النظام السياسى الجزائرى ونظيره المصرى فى استخدام مباراة كرة قدم لإلهاء جماهير البلدين عن حقوقها المهدرة، وتفريغ طاقة الغضب هنا وهناك فى معركة رثة ومتخلفة يتاح فيها لهذه الشعوب المهانة استحضار مشاعر العزة والكرامة والريادة واستهلاكها فى مواجهة «عدو» لن يكلفنا عداءه أكثر من إهانة عدد من المواطنين المصريين فى الجزائر، وإهانة عدد من الجزائريين فى مصر.
إن استحضار مشاعر العزة والكرامة الوطنية وحشدها فى معركة آمنة وتافهة، هى حيلة خسيسة ومكشوفة تلجأ إليها النظم السياسية العاجزة دولياً والمستبدة والفاسدة محلياً، وفى الليلة ذاتها التى شهدت فيها أم درمان اعتداءً وحشياً من بعض الجزائريين على المصريين، كان العالم كله يطالع التقرير السنوى الذى أصدرته منظمة الشفافية الدولية عن آليات مكافحة الفساد فى ١٢٦ دولة شملها التقرير، وقد احتلت مصر والجزائر المركز ١١١ مكرر، وهو مركز يشير إلى توغل الفساد المنظم فى البلدين، وإلى ضلوع النخبة المسيطرة سياسياً واقتصادياً فى جرائم السطو على المال العام، واحتكار التجارة وسرقة الموارد والثروات الطبيعية، ونهب أموال البنوك العامة وممارسة الغش والتدليس فى المناقصات والمزايدات لصالح رجال الأعمال الطفيليين الذين ساهموا ببعض أموالهم المسروقة فى تمويل الجسر الجوى الذى نقل جماهير البلدين إلى أم درمان.
هنا فى مصر تعصف البطالة والفقر وانهيار الخدمات بالمواطنين.. ويتحول مجلس الشعب عاماً بعد آخر إلى مجرد مكتب لتسجيل القوانين التى تخدم مصالح التجار والسماسرة وأصحاب التوكيلات الأجنبية.. وهناك فى الجزائر إقطاع عسكرى متوحش يستخدم الميليشيات المسعورة فى سفك الدماء وإشاعة الرعب ويستعمل الآلة الإعلامية فى دق طبول معارك آمنة تستنزف طاقة الغضب وتصرف الشعب الجزائرى المطعون عن الالتفات لثرواته التى اختطفها الإقطاع العسكرى.
هنا وهناك، لا أثر على الإطلاق لأمجاد تاريخية أو حضارية، ولا أثر على الإطلاق لكرامة راهنة، لا شىء هنا وهناك غير جامعات خربة ومناهج تعليم رثة وشوارع غارقة فى المجارى وحقول تدهورت خصوبتها ومصانع صدئت آلاتها، وأعواد ثقاب مستوردة من الصين يشعل بها الشباب سجائر محشوة بالحشيش والبانجو..
وهنا وهناك مواطن يحطمه نظام سياسى فاسد بالنهار، فيعود إلى بيته فى المساء ليضرب أطفاله وزوجته أو يشحن حطامه فى طائرة إلى أم درمان ليفرغ غضبه وإحباطه فى الاعتداء على نظيره العربى المهان مثله.. فمتى يستدير هذا الغضب إلى الوحش السياسى اللئيم ويفتدى كرامة الشعوب والأوطان من بين أنيابه؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق